لماذا استأثر حديث صلاح الدين مزوار، الرئيس المستقيل للاتحاد العام لمقاولات المغرب، حول الجزائر بكل هذا الاهتمام؟ لم يكن الناس سيهتمون بكلامه لو لم يكن قد اكتسب صفة رجل دولة. فصلاح الدين مزوار كان وزيرا للاقتصاد والمالية، وهي عصب الحياة، وكان وزيرا للشؤون الخارجية والتعاون الدولي، والانتماء إليها لا يبلى مع الزمن، حيث يبقى رئيس الديبلوماسية ومن هم أقل منه ديبلوماسيون حتى لو غادروا الوظيفة، كما كان رئيسا لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي قدم استقالته من رئاسته وبقي في صفوفه، وهو حزب ضمن الأغلبية التي تقود الحكومة.
مزوار ليس شخصية عادية، وقديما كان الفقهاء يميزون بين الشخصية العادية والشخصية غير العادية، فأباحوا للشخصية العادية الوقوع في المحرم إن اضطرت إلى ذلك لكن الشخصية العامة لا يحق لها ذلك وتعتبر فقهيا آثمة، نزولا بالموضوع إلى الشأن العام والمشهد السياسي، فما يباح لمواطن من أيها الناس لا يباح لشخصية عمومية.
بعد صدور بيان وزارة الخارجية وبيان الباطرونا، دافع البعض عن مزوار، وتبين أن هناك مغالطات كبيرة في الدفاع، وتبين أن الناس لم تقرأ جيدا البيانين المذكورين، بل لم تستمع إلى ما قاله مزوار.
فماذا قال مزوار؟
قال رئيس الباطرونا المستقيل، خلال مشاركته في منتدى السياسات العامة بمراكش:
يمر المغرب العربي من تحولات تحمل آمالا كبيرة، وما ألاحظه في الجزائر أنه حامل للأمل، وعلى عكس ما يعتقد البعض فإن الجزائر لن ترجع إلى الوراء، ولهذا على السلطة العسكرية أن تقتسم السلطة مع الآخرين، فالحل للأزمة الجزائرية اليوم هو دفع النظام لاقتسام السلطة، حتى مع أولئك الذين خاض معهم حربا داخلية لمدة عشر سنوات، لأنهم واحدة من القوى المنظمة، وكل القوى التاريخية أصبحت مرفوضة من قبل الشعب.
ما معنى الدعوة إلى اقتسام السلطة مع من كانوا في الحرب؟ الوئام المدني شمل الذين وضعوا السلاح وقبلوا بالاندماج في المجتمع، ولم يشمل تنظيما مسلحا إرهابيا قتل آلاف الجزائريين، وفرّخ آلاف الإرهابيين، يتجولون في بؤر التوتر في منطقة الساحل والصحراء، وكل التنظيمات الإرهابية بالمنطقة خرجت من رحمه.
هل كان مزوار على وعي تام بما قال، ام أنه أعجبه مكبر الصوت وأطلق العنان للسانه؟ الرجل لا يعرف ما يقول. مرة قال إن وزير خارجية إحدى الدول لما تكلم معها “تفعفعت”. وهو مصطلح ركيك في اللغة الدارجة اليومية، فبالأحرى أن ينطق به وزير خارجية مفروض فيه انتقاء مفرداته، خصوصا أنه يترأس وزارة مهمتها صناعة الديبلوماسية في كل شيء. من الكلمة إلى الأكل إلى طريقة الجلوس مع الناس. هي ديبلوماسية دورها إطفاء الحرائق، لا توجيه النصح لدولة جارة بطريقة فجة من باب التدخل الأرعن والمتهور في شؤونها الداخلية في وقت ينأى المغرب بنفسه عن شؤون الدول الأخرى ويهتم بربط علاقات جيدة مع الجميع.