في تطور لافت ضمن المشهد السياسي المغربي، أعلن عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، أن ملتمس الرقابة الذي تعتزم أحزاب المعارضة تقديمه ضد حكومة عزيز أخنوش، لا يندرج في إطار مجرد تمرين ديمقراطي للضغط، بل هدفه المعلن هو إسقاط الحكومة. وأكد أن المعارضة متحدة وستذهب “إلى أبعد مدى” في هذه الخطوة، رافضًا ما وصفه بالقراءات المتسرعة التي تقلل من جدية المبادرة.
وفي تصريح لــ “أشطاري”، شدد بووانو على أن الحديث عن فشل محتمل سابق لأوانه، وأن تقديم الملتمس بشكل رسمي داخل البرلمان سيشكل لحظة اختبار لردود الفعل السياسية، مبرزًا أن تراكم الأسباب السياسية والاجتماعية، إلى جانب الاختلالات المتزايدة في تدبير الشأن العام، شكلت أرضية مشتركة لتقارب مكونات المعارضة.
ويأتي هذا الموقف بعد اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي أكد بدوره أن التحاق الحزب بمبادرة ملتمس الرقابة يأتي “إحياءً للنقاش السياسي الوطني الراكد”، وتنزيلاً لروح الفصل 105 من الدستور، الذي يتيح للمعارضة تفعيل الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة، حين تفشل هذه الأخيرة في الوفاء بالتزاماتها.
وأبرز حزب “المصباح” أن أداء الحكومة الحالية اتسم بـ”التخلف عن الوعود”، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية، وتجميد مشاريع قوانين حيوية مرتبطة بمحاربة الفساد والحكامة، متهماً رئيس الحكومة بـ”التهرب من المساءلة البرلمانية” واستعمال الأغلبية العددية لـ”تمرير تشريعات هيكلية في مجالات الحقوق والحريات بمنطق أحادي وإقصائي”.
ومن بين أبرز الدوافع السياسية التي غذّت طرح ملتمس الرقابة، تفاقم اتهامات “تضارب المصالح”، التي تُلاحق عددًا من وزراء حكومة أخنوش، خاصة في ظل الغضب الشعبي من توزيع الدعم العمومي على مشاريع مرتبطة بشخصيات حزبية نافذة.
وفي هذا السياق، فجّرت كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، جدلاً واسعًا بعد أن أعلنت خلال لقاء حزبي بالداخلة أن وزارتها قدمت دعمًا ماليًا بقيمة مليار و100 مليون سنتيم لمشروع يخص امبارك حمية، برلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، ورئيس جمعية وادي الذهب للصيد البحري. ويُعد حمية من أبرز المقربين من رئيس الحكومة، ما أعاد إلى الواجهة الانتقادات المتعلقة بتداخل المصالح بين العمل الحكومي والانتماء الحزبي، خاصة أن المشروع تم دعمه في جهة انتخابية يمثلها المستفيد.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات قد تشكل منعطفًا حاسمًا في عمر الحكومة الحالية، خصوصًا إذا استطاعت المعارضة تعبئة الرأي العام والمؤسسات الدستورية حول قضايا الشفافية وتكافؤ الفرص، وسط دعوات متزايدة لمساءلة المسؤولين عن تدبير المال العام ومحاسبة المتورطين في تضارب المصالح.