قررت الحكومة، ابتداء من الجمعة 21 ماي 2021، حظر التنقل الليلي على الصعيد الوطني من الساعة الحادية عشر ليلا إلى الساعة الرابعة والنصف صباحا، وأوضح بلاغ حكومي، أنه تم اتخاذ مجموعة من التدابير لتأطير المرحلة، وفق محددات تهم أيضا إغلاق المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي على الساعة الحادية عشر ليلا، والإبقاء على جميع القيود الاحترازية الأخرى التي تم إقرارها سابقا في حالة الطوارئ الصحية، والخاصة بالحفلات، التجمعات والتظاهرات، قاعات السينما، والجنائز “.
وأبرز البلاغ أن هذه المحددات تأتي تبعا لتوصيات اللجنة العلمية والتقنية، وأخذا بعين الاعتبار خلاصات التتبع اليومي المستمر للوضعية الوبائية بالمملكة، خاصة التراجع المسجل في منحى الإصابة بفيروس كورونا بفضل التدابير المتخذة من طرف السلطات العمومية، وحرصا على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواصلة إعادة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، ولضمان إنجاح مختلف هذه الإجراءات، يضيف المصدر ذاته، يتعين على جميع المواطنات والمواطنين مواصلة الالتزام المسؤول والانخراط القوي في المجهودات المبذولة والحرص على اتخاذ كافة الاحتياطات الاحترازية الضرورية بما يحافظ على المكتسبات المحققة ويساهم في العودة التدريجية للحياة الطبيعية بالبلاد.
و أكد وزير الصحة خالد آيت الطالب، أن الحالة الوبائية بالمغرب تعرف تحسنا تدريجيا من حيث عدد الحالات الجديدة والوفيات وكذلك الحالات بأقسام العناية المركزة والإنعاش، وأضاف وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، السعيد أمزازي، في بلاغ تلاه خلال لقاء صحافي عقب انعقاد المجلس، أن آيت الطالب أوضح، في إفادة بخصوص تطور الوضعية الوبائية التي يعرفها المغرب، أن مؤشر التوالد الفيروسي، ونسبة إيجابية التحاليل انخفضا كذلك.
وأشار الوزير إلى أن هذه الوضعية توفر مناخا جد ملائم لاستمرار الحملة الوطنية للتلقيح التي بلغت إلى حدود أمس الأربعاء على الساعة الرابعة مساء إلى 7.029.682 مستفيدة ومستفيدا من الجرعة الأولى، و4.673.903 مستفيدات ومستفيدين من الجرعة الثانية.
وكانت اللجنة العلمية الخاصة بتدبير جائحة كورونا، رفعت إلى السلطات الحكومية مقترحات وتوصيات مطمئنة بخصوص الحالة الوبائية بالمغرب، تؤشر إلى تخفيف التدابير الاحترازية التي اعتمدتها المملكة لمواجهة انتشار فيروس كورونا ، وقال سعيد المتوكل عضو اللجنة العلمية، إن المغرب يتواجد الآن في المنطقة الخضراء، ما يعني أن الحالة الوبائية لم تعد مقلقة كما في السابق، لذلك من الطبيعي تخفيف بعض الاجراءات الاحترازية، لان المغرب أضحى يسجل اصابات ووفيات قليلة ما يعني التحكم في الجائحة”.
من جهته اعتبر الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، أن وجود المغرب اليوم ضمن النطاق الأخضر في الخريطة العالمية لمخاطر وباء كوفيد-19، يعود بالأساس إلى الإجراءات الترابية القوية والاستباقية التي اتخذتها المملكة خلال الأشهر الأخيرة، حيث أكد حمضي، أن المملكة “متحكمة في الوضعية الوبائية، كما أن مؤشراتها الوبائية كلها خضراء”، مسجلا أنه بدون تلك الإجراءات الترابية “لم يكن من الممكن تحقيق هذا النجاح”، وأضاف، في تحليل للوضع الوبائي في المغرب والعالم، أن كثيرا من المواطنين يحترمون الإرشادات الصحية الفردية والجماعية للوقاية من الفيروس ويساهمون بذلك في الحد من انتشاره، لكن الكثيرين، أيضا، لا يبالون للأسف بهذه الإجراءات ويساهمون في انتشار الفيروس وتعقيد مهمة محاصرة الوباء، مبرزا أن قرار التخفيف من التدابير “هو قرار بيدنا جميعا: كلما التزمنا بالتدابير الاحترازية كلما لم تعد هناك حاجة للتدابير الترابية”.
وتابع الباحث، أنه “لحسن الحظ، اتخذت بلادنا إجراءات قوية واستباقية بفضل التدخل الملكي مبكرا، وهي الاستراتيجية التي اعتمدتها كذلك بلادنا في الأشهر الأخيرة وأتت أكلها وأظهرت دراسة علمية نجاعتها”، وأردف، أنه يمكننا اليوم الاعتماد على دراسة علمية نشرت مؤخرا بالمجلة العلمية المرموقة (The Lancet)، يوم 28 أبريل الماضي، وقد أجراها خبراء في الصحة والاقتصاد، وخلصت إلى كون استراتيجية الاستباقية والقوة في الإجراءات التقييدية وإطالة مدتها حتى كسر منحنى الوباء والمسماة استراتيجية صفر كوفيد (Stratégie Zéro COVID)، تفوقت بكثير على استراتيجية التعايش مع الفيروس وتخفيف الإجراءات ثم الإغلاق والمسماة استراتيجية التعايش أو (Stop and Go).
وأوضح حمضي، أن الباحثين أجروا الدراسة على مدى سنة من تدبير جائحة كوفيد بال37 دولة عضو بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، منها خمس دول (اليابان، كوريا الجنوبية، آيسلندا، استراليا ونيوزيلندا) تبنت استراتيجية كسر المنحنى، فيما تبنت ال32 دولة المتبقية بشكل من الأشكال استراتيجية التعايش مع الفيروس والفتح، إلى أن تصل الأرقام لعدم تحمل المنظومة الصحية والإغلاق من جديد، مسجلا أنه تمت مقارنة الاستراتيجيتين من خلال أثرهما على ثلاث مؤشرات أساسية: الوفيات، الاقتصاد، والحريات.
وخلصت الدراسة، وفق حمضي، إلى “نتائج مهمة ومفاجئة للكثيرين: فاستراتيجية القوة والسرعة والتشديد أدت إلى وفيات 25 مرة أقل. وأكثر من ذلك، أدت هذه الاستراتيجية، التي تنعت بالصارمة، إلى آثار اقتصادية أكثر إيجابية من الدول التي كانت تخفف بدعوى الحفاظ على الاقتصاد”.