غليان غير مسبوق يعيشه المغرب، سواء علني أو بشكل صامت، والأخطر هو هذا الصامت. يقول المغاربة “دوز على الواد الهرهوري لاتدوز على السكوتي”. وفي تعبير عن رفض لإجراءات الحكومة التي أوصلتنا إلى قاع الفقر بإجراءات نتجت عنها زيادات صاروخية في أسعار المواد الأساسية وغير الأساسية، خرجت النقابات منددة بالارتفاع المهول للأسعار وبإغلاق باب الحوار الاجتماعي أو فتحه من أجل “النزهة” الحكومية.
قبل هذا الوقت قيل للمواطنين لابد أخلاقيا وعرفيا أن تمنحوا الحكومة مائة يوم قبل أن تسائلوها وقبل أن تقوموا بتقييم أدائها، وها هي المائة يوم قد مرت وزدنا عليها أياما أخرى، ومباشرة بعد أن أغلقت الحكومة قوس المائة يوم فتحت قوسا آخر ميزته الأساسية الرفع من أسعار المواد الاستهلاكية بدون مبرر، بل في مناقضة كبيرة للمعايير الدولية التي يتم وفقها تحديد السعر بناء على قانون العرض والطلب، والدراسة تقول إن المازوت ينبغي أن يباع للمغاربة وفي ظل الجائحة فقط بستة دراهم وبضع سنتيمات.
رفع سعر المازوت إلى الضعف تقريبا أثّر على كثير من المواد الأخرى إن لم نقل كلها، ومس المواد التي لا تعتبر أساسية لكن في الاجتماع تعتبر أساسية، لأنه لا يمكن أن تقتني الدقيق والزيت والغاز والخضر واللحم، دون أن تشتري معها أمورا أخرى خاصة بأولادك، والتي بدورها عرفت سعيرا محموما بدعوى غلاء المواد الأساسية التي تدخل في التصنيع.
الشعار الذي رفعه أخنوش، رئيس الحكومة، خلال الحملة الانتخابية هو “تستاهلو أحسن”، بمعنى أن ما كانت تقوم به الحكومة السابقة مرهق للمغاربة والحكومة التي ستتلوها ستخفف عن الناس الأعباء التي تعيشها، وفعلا كانت الحكومة السابقة اتخذت بعض الإجراءات المرهقة، لكن لم تصل إلى الحد الذي وصلت إليه الحكومة الحالية، وكانت على الأقل تقدم توضيحات حتى لو كانت ديماغوجية، لكن حكومة “الإمبراطور” لا تعير اهتماما لأحد.
غير أنه وكما يقال “شرب وتنفس وضرب وقيس”. هذه حكومة ممتلئة بالغطرسة، ولن يصبر عليها المغاربة طويلا، فقد ينفد صبرهم، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار التقرير، الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط، الذي أشار إلى أن ثلث المقاولات فشلت في ملاءمة وضعها مع ظروف الجائحة واضطرت إما لتقليص عدد العمال أو تخفيض الرواتب أو الإغلاق النهائي، بما يعني أن آلاف انضافت إلى العاطلين الموجودين أصلا.
مقاولات ترسل موظفيها والعاملين بها إلى الشارع فيجدون حكومة تضاعف الأسعار دون هوادة. ماذا سوف تنتظر منهم؟ هل سيقدمون الورود لحكومة أخنوش؟ حتما في وضع مثل هذا وإذا لم تتلقَّ الحكومة صفعة قوية توقظها من سباتها فإن الأمور قد تتطور إلى ما لا يُحمد عقباه، وبلادنا في غنى عن أي منغص يشتت تفكيرها في قضايا استراتيجية كبرى ينبغي حسمها أولا، لكن هذه الحكومة تسير عكس الاتجاه العام وتسعى إلى افتعال توترات شبيهة بـ20 يونيو و14 دجنبر المؤلمة كالجرح الذي يأبى أن يندمل.
أيها المغاربة “تستاهلو أحسن” من حكومة أخنّوش.