في كل مرة، يعود نقاش تطبيقات النقل إلى الواجهة، كون فتيل الأزمة بين أرباب سيارات الأجرة وسائقي سيارات النقل عبر التطبيقات الذكية، في المغرب لا بزال مشتعلا، ولا يبدوا أنه سيخمد حتى يتم توفير الترسانة القانونية لما يصفه أصحاب هذه التطبيقات بـــ “الأمر الواقع”.
ولا يكاد يمر أسبوع دون أن تحدث مناوشات، تصل أحياناً إلى تدخل الأمن، لوضع حد لعراكات تندلع بين الفينة والأخرى في شوارع المدن الكبرى لاتي يتم استعمال فيها هذه التطبيقات.
انتشار استعمال التطبيقات الذي يسير بسرعة كبيرة ولا تكاد يتوقف، لم يشمل السيارات فقط، بل دخلت إلى الخدمة مؤخرا الدراجات النارية لنقل المستعملين، وذلك من أجل تفادي الاكتظاظ والاختناق المروري.
في هذا الصدد، يقول محمد وهو شاب جامعي عاطل عن العمل للصحيفة، إن السماح للدراجات النارية بنقل الزبائن أمر ايجابي، معتبرا أنه الأن بإمكانه استعمال دراجاته من أجل محاربة شبح البطالة.
وأضاف المتحدث أن التطبيقات ضرورة أصبح يفرضها التطور التكنولوجي، ولا يمكن محاربتها بفكر تقليدي.
وشدد الشاب الذي درس العلوم الاقتصادية، أن المغرب على أبواب تظاهرات عالمية كبرى، ولا يمكن أن تقول للعالم أننا نسير بسرعة بطيئة، حيث لا يسمح للتطبيقات بالعمل في مجال النقل، يضيف المتحدث. هذا وتشترط تطبيقات النقل توفر المتقدم للعمل على دراجة من النوع الجيد، ووثائقها الثبوتية، بما فيها الورقة الرمادية ورخصة سياقتها، على أن يبدأ المستخدم نقل الزبائن الذين يطلبون الخدمة بشكل رقمي بعد أن يدرج معطياته الشخصية ضمن التطبيق المخصص لذلك. الحكومة تحذر استعمال التطبيقات حذر وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، الشركات التي تقدم خدمات الوساطة في مجال النقل عبر استخدام التطبيقات الذكية بدون ترخيص النقل عبر التطبيقات الذكية، من عقوبات صارمة قد تطالها. وأضاف المسؤول الحكومي في جوابه على سؤال كتابي، أن الأمر يتعلق بممارسة غير مشروعة، حيث أبرز أن السلطات الأمنية المعنية تتخذ التدابير والإجراءات اللازمة، للتصدي لكل الأفعال التي تهدد سلامة الأشخاص، أو تعرض ممتلكاتهم للخطر، وتتم إحالة المخالفين إلى الجهات القضائية المختصة لاتخاذ العقوبات اللازمة. وشدد لفتيت، أن المواجهات التي تحدث بين سائقي سيارات الأجرة وبعض السائقين غير المهنيين، الذين يستعملون سيارات خاصة لتقديم خدمات النقل، باستخدام التطبيقات الذكية، هي حالات محدودة ومعزولة. وأكد الوزير، أن أحكام الظهير الشريف رقم 1.63.260 بشأن النقل عبر الطرق، ينص على ضرورة حصول مقدمي خدمات نقل المسافرين على ترخيص مسبق لممارسة هذا النشاط. واعتبر لفتيت أنه بموجب مقتضيات الظهير الشريف السالف الذكر، والقانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق، فإن استعمال مركبات خاصة لتقديم خدمات النقل، أو تقديم خدمات الوساطة في مجال النقل عبر استخدام التطبيقات الذكية بدون ترخيص، يبقى ممارسة غير مشروعة وغير مسموح بها، وتعرض ممارسها للعقوبات المنصوص عليها. وسبق أن صرح وزير النقل واللوجيستيك، محمد عبد الجليل، أن تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية رهين بتوافق المتدخلين في النقل الجماعي على دخول هذا النوع من النقل إلى السوق. وقال عبد الجليل، إن تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية لا يمكننا القيام به إلا إذا كان جميع المتدخلين في النقل الجماعي من سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة والحافلات مستعدين لدخول هذا النوع من النقل إلى السوق. وأضاف أن منظومة النقل بالمغرب تتميز بخصوصياتها، مشيرا إلى الدور الكبير الذي تضطلع به سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة في نقل القسط الأكبر من الركاب في مجال النقل الجماعي، مقارنة بدول أخرى التي تتوفر على وسائل نقل بديلة ومتعددة. وأفاد عبد الجليل أن الوزارة تعمل على إطلاق دراسة تتعلق بوضع تصور مستقبلي للتنقلات على مستوى ربوع المملكة لتأهيل قطاع النقل العمومي، مبرزا أنه من بين القضايا التي ستعالجها هذه الدراسة كيفية التعامل مع الطرق الجديدة في النقل، لاسيما داخل المدار الحضري.مطالب بتقنين القطاع
تتزايد على مواقع التواصل الاجتماعي أصوات المطالب بتقنين العمل بالتطبيقات الذكية في نقل المواطنين، خاصة بالمدن الكبرى كالدار البيضاء، وحماية سائقي هذه التطبيقات والزبناء مما سموه الاعتداءات والمضايقات التي يمارسها بعض السائقين.
في مقابل ذلك، تعتبر النقابات المهنية لسائقي سيارة الأجرة، أن التطبيقات الموجودة حاليا تمارس نشاطها خارج إطار القانون وترخيص وزارة الداخلية، مطالبين هذه الأخيرة بالتدخل لتطبيق القانون، وضبط هؤلاء المخالفين الذين يمارسون النقل السري.
وتشدد النقابات أن مهنيي القطاع ليسوا ضد استعمال التكنولوجيا الحديثة في تسهيل تنقل المواطنين، ولكن يجب أن يكون الأمر تحت وصاية الجهات المسؤولة على القطاع، والالتزام بالقوانين التي تؤطره.
ويذكر أنه في كل مرة يمثُل أمام أنظار المحكمة، سائقي سيارات الأجرة وسائقي سيارات النقل عبر التطبيقات الذكية، وذلك على خلفية مشاجرات بين الجانبين، بسبب نزاع حاد بين الطرفين حول الأحقية في نقل الزبناء، إذ يستنكر أصحاب سيارات الأجرة ما يسمونه “تطفل” على عملهم اليومي.