رصد تقرير دولي وضعية المغرب في تصنيف مؤشر جودة النخب لعام 2025، الصادر عن جامعة “سانت غالن” السويسرية، حيث حل في المرتبة 87 عالمياً من أصل 151 دولة، متقدماً بأربع مراتب مقارنة بعام 2024. ويعكس هذا التحسن النسبي تطوراً في الأداء المؤسساتي والتنظيمي للنخب المغربية، التي تُعد المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية والاستقرار والاستثمار المستدام.
ويُعرف التقرير “النخب” بأنها نماذج الأعمال ذات التأثير الكبير في الاقتصاد السياسي للدولة، كالشركات الكبرى، البنوك، النقابات، وأجهزة الدولة، القادرة على تنسيق رأس المال البشري والمالي والمعرفي. ويرتكز التقييم على 149 مؤشراً موزعين على 12 ركيزة، ضمن هيكلية تقيس قوتها وقدرتها على خلق القيمة الاقتصادية.
وسجل المغرب معدل نقاط بلغ 47.1 في المؤشر العام، مقابل 45.5 العام الماضي. وعلى مستوى المؤشرات الفرعية، احتل المرتبة 66 في مؤشر القوة، متقدماً بسبع مراتب، لكنه تراجع في مؤشر القيمة إلى المرتبة 106، مما يعكس تركيزاً أكبر على النفوذ السياسي مقارنة بالقدرة على خلق القيمة الاقتصادية الصافية.
وفي المؤشرات القطاعية، أحرز المغرب نتائج متفاوتة؛ حيث احتل المرتبة 95 في مؤشر “الابتكار والتكنولوجيا” بـ35.5 نقطة فقط، ما يشير إلى ضعف مساهمة التكنولوجيا في خلق القيمة. في المقابل، حقق ترتيباً أفضل في مؤشري “الصحة والرفاه” و”رأس المال البشري”، حيث جاء في المرتبة 54 في كليهما، مما يدل على توازن نسبي في القدرات البشرية.
لكن التحديات لا تزال قائمة، خاصة في مؤشر “الفرص العادلة” الذي تراجع فيه المغرب إلى المرتبة 77، ما يعكس اختلالات في توزيع الفرص الاقتصادية. كما سجل أداء ضعيفاً في “البيئة ورأس المال الطبيعي”، محتلاً المرتبة 93، وهو ما يؤكد الحاجة إلى إصلاحات بيئية وهيكلية عاجلة.
وفي سياق متصل، برز عامل الذكاء الاصطناعي كعنصر مؤثر جديد في خلق القيمة، إلا أن المغرب حل في المرتبة 95 بـ35.5 نقطة، ما يعكس تأخراً في تبني هذه التقنيات، مقابل صعود دول كأمريكا وسنغافورة وكوريا الجنوبية التي تصدرت الترتيب بفضل استثماراتها القوية في الابتكار التكنولوجي.
ويشدد التقرير على أن النخب القادرة على خلق القيمة تتسم بالتجدد والتنافسية، فيما تؤدي النخب المستخرِجة للقيمة إلى ركود اقتصادي ومخاطر اجتماعية. ويدعو المغرب إلى تسريع وتيرة الإصلاح، لاسيما في مجالات الحوكمة الرقمية، وتحديث البيئة القانونية، وربط البحث العلمي بالصناعة.
و كشفت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن تسجيل 2544 حالة انقطاع عن الدراسة في 232 إعدادية تجريبية ضمن مشروع “مؤسسات الريادة” خلال الموسم الدراسي 2024-2025. ويشرف على هذه المؤسسات أكثر من 6 آلاف أستاذ و600 مفتش تربوي.
وتصدرت أكاديمية جهة مراكش آسفي عدد الحالات بـ414 حالة، تليها سوس ماسة بـ362، ثم الدار البيضاء سطات بـ349. أما أعلى نسب الانقطاع فقد سُجلت في بني ملال خنيفرة بنسبة 2.1%، تليها أكاديمية الشرق بـ1.8%.
الوضع الذي وصفته الوزارة بـ”الصادم والمقلق” دفعها إلى تعبئة كل مستويات التدبير لمعالجة الظاهرة، عبر إجراءات استعجالية تشمل الأنشطة الموازية، الدعم التربوي، وتفعيل الأندية المدرسية، في إطار خارطة الطريق 2022-2026 الهادفة إلى تقليص الهدر المدرسي.
وتسعى الوزارة إلى تعميم نموذج “مؤسسات الريادة” ليشمل 730 مؤسسة في الموسم المقبل، قبل التعميم الكامل في أفق 2028، مع الرهان على تحسين جودة التعليم وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية في المنظومة التربوية.
و رغم المؤشرات الإيجابية في تقرير جودة النخب، يبقى التحدي الحقيقي أمام المغرب هو تحويل “القدرة على التأثير” إلى “القدرة على الإنجاز”، عبر سياسات تنموية أكثر عدالة، وتبني فعلي للتكنولوجيا، مع إصلاحات شاملة في التعليم والبيئة لضمان تنمية مستدامة تستفيد منها كل فئات المجتمع.