أعلن راشد الغنوشي، رئيس حزي النهضة التونسي (توجه إخوان مسلمين) ورئيس البرلمان التونسي، عن الرغبة في تأسيس اتحاد مغاربي من ثلاث دول هي تونس والجزائر وليبيا قد يكون نواة لاتحاد المغرب الكبير، وبعيدا عن أية نزعة لفهم العلاقات الدولية عن طريق التوحش، فإنه من حق أية دولة أن تربط العلاقات التي تريد مع الدولة التي تريد، وكما أننا لا نريد أن يتدخل أي واحد في علاقات المغرب فإننا نربأ بأنفسنا التدخل في شؤون دول أخرى، وما نطرحه هنا محاولة لفهم هذا التوجه فقط.
ركز كثير من “المحللين” عن انتماء الغنوشي للإخوان المسلمين، ويبدو أنه لو انطلق من هذا المعطى وحده لفضل المغرب كي يقدم عونا لإخوانه في العدالة والتنمية، وحكايا “التطبيع” مجرد أغنية قديمة لأن الغنوشي قدم خطابا مهما أمام منظمة الأيباك بالولايات المتحدة الأمريكية، التي تضم 51 منظمة صهيونية، وذلك قبيل عودته إلى تونس، ولكن القصة مختلفة، يجتمع فيها شيء من “الإخوان المسلمين” وكثير من علاقاته مع المخابرات الجزائرية.
يعتقد الغنوشي أن الحكومة المؤقتة في ليبيا قريبة من الإخوان المسلمين وتوجهاتهم خصوصا بعد أن أعلنت أن علاقاتها بأنقرة ورجب طيب أردوغان طيبة جدا، وبالتالي هو يعول على هذا المعطى، الذي يبقى في بلد تتوزعه القبيلة والنفط غير محسوم.
أما عن علاقاته بالمخابرات الجزائرية فهي قديمة جدا، وتعود إلى أكثر من ثلاثين سنة مضت، فبعد تضييق الخناق على النهضة من قبل زين العابدين بنعلي، الرئيس التونسي الأسبق الذي وظفهم من قبل في ضرب اليسار، غادر الغنوشي إلى الجزائر، ليس هاربا كما يعتقد البعض لأنه كان بإمكانه التوجه إلى ليبيا، التي اختار العقيد القذافي أن يعتقل الإسلاميين الليبيين لكن أن يحتضن كافة اللاجئين الإسلاميين من دول أخرى وعلى رأسهم عبد الكريم مطيع، زعيم الشبيبة الإسلامية المحكوم في قضية اغتيال الزعيم اليساري عمر بنجلون، كما كان بإمكانه الهروب نحو فرنسا وغيرها من الدول، لكن ذهب مباشرة إلى الجزائر. لماذا؟
معلوماتنا المؤكدة تقول إن راشد الغنوشي كان موفدا لنوع من المخابرات غير معروف كثيرا، وهو مخابرات موازية تابعة للدعوة الوهابية المركزية، وكان يقدم لها تقارير عن الحركات الإسلامية بالمغرب العربي وخصوصا الجزائر، التي كانت فيها الحركة حينها في أوجها مع جبهة الإنقاذ وحركة المجتمع الإسلامي التي ستصبح حركة مجتمع السلم، وعلى ضوء هذه المعطيات تتعامل المركزية مع الهوامش في هذه الدول.
تم في وقت من أوقات الخصومة تسريب وثيقة موجهة من راشد الغنوشي، من مقامه بالجزائر، إلى إدارة الدعوة المركزية قصد تزويد “ماهيته” لأنها لم تعد تكفيه لتغطية التكاليف وقد تمت الاستجابة لهذا الطلب. خلال هذا المقام ربط الغنوشي علاقات قوية مع المخابرات الجزائرية حيث كان يزودها بما لديه من معلومات وتزوده بما لديها من معلومات لاستعمالها في عمله الجديد.
لا ينبغي أن نستصغر من المعطيات شيئا، وهذه العلاقة لها تأثير قوي على دعوة الغنوشي لاتحاد ثلاثي بين الجزائر وليبيا وتونس.