تعيش بعض التنظيمات المغربية من تيارات متناقضة ازدواجية في الموقف، فكلما تعلق الأمر بقضايا الوطن إما سكتوا وإما تآمروا، وكلما تعلق الأمر بقضية أخرى انتفضوا، وتبين أنهم مجرد تجار قضايا لا أقل ولا أكثر، يتخذون من العناوين الكبرى ملفات للبيع والشراء والتفاوض وتحقيق المصالح الضيقة.
في هذا السياق منعت السلطات المحلية بالرباط مساء الإثنين وقفة كان مزمعا تنظيمها من قبل ما يسمى التنظيمات المغربية المقاومة للتطبيع والمساندة لفلسطين، وهو عنوان يختفي وراءه تنظيما العدل والإحسان والنهج الديمقراطي، وهي الوقفة التي كانت مقررة أمام البرلمان، احتجاجا على ما أسمته التطبيع مع إسرائيل.
وارتأت السلطات المحلية بالرباط أن الوقت غير مناسب للاحتجاج والأوضاع لا تسمح بتنظيم وقفة من هذا النوع، خصوصا في ظل الطوارئ الصحية التي تعيشها بلادنا.
منع الوقفة يأتي في سياق رفض التخريب الذي يمكن أن تمارسه بعض التنظيمات ذات النزوعات غير الوطنية، والتي اتخذت مواقف غريبة من قضية تحرير معبر الكركرات من رجس ودنس المرتزقة التابعين لجبهة البوليساريو. ويأتي في غمرة أفراح عاطفية طاغية وسط المجتمع المغربي بالانتصارات التاريخية التي حققها المغرب في الآونة الأخيرة، بعد توقيع الرئيس الأمريكي دولند ترامب مرسوما رئاسيا يقضي الاعتراف بسيادة المغرب على كامل ترابه بما في ذلك أقاليم الصحراء المغربية، وتوقيع السفير الأمريكي بالرباط خاطة المغرب بصحرائه وعزمه إهداءها إلى جلالة الملك.
لا يعرف أي أحد منسوب التحدي لدى المواطن المغربي، الذي تعتبر لديه قضية الصحراء مقدسة وعنوان لدماء الشهداء الذين ارتقوا دفاعا عن تراب الوطن، ولهذا إن السماح لهؤلاء بممارسة هواية التجمع في الساحات العامة قد تكون فيه انزياحات لا يمكن تحمل مسؤوليتها من قبل التنظيمات الممذكورة.
التنظيمات المذكورة لم تر أي شيء من التطورات التي عرفها المغرب حديثا، فالعدل والإحسان سكتت سكوت أهل الكهف فيما يخص تحرير معبر الكركرات من رجس عصابات البوليساريو، والنهج الديمقراطي أصدر بيانا دعا فيه إلى أطروحات البوليساريو وطالب بتقرير المصير، وهو الخيار المتجاوز حتى من قبل المنتظم الدولي.
جماعة العدل والإحسان تريد خلافة منزوعة من الصحراء أم أنها تريد وطنا ممزقا حتى تتمكن من السيطرة عليه؟
ولم تقل التنظيمات المذكورة أية كلمة تذكر فيما يخص اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وهو إنجاز تاريخي وهام حيث ستكون له تداعيات أإيجابية على قضيتنا الوطنية.
كنا ننتظر خروج هؤلاء ببيان قصير أو كلمة في المواقع الالكترونية للتعبير عن الارتياح لتطور تاريخي يهم القضية الوطنية، التي لا يوجد عليها خلاف أساسا ولا ينبغي أن يكون.
عندما نتحدث عن الصحراء فإن القضية تتعلق بوحدة التراب الوطني وهو أقدس ما هو موجود فوق الأرض، وبالتالي لا خلاف عليه، وعندما يتم تهديد حوزة الأوطان ينسى الجميع خلافاتهم التاريخية ويهبوا جميعا للدفاع عنه، ونذكر أن الراحل عبد الرحيم بوعبيد خرج من السجن وجمع حقيبته ليقوم بجولة عند أصدقائه في الأممية الاشتراكية ليشرح لهم الموقف في الصحراء المغربية.