محمد فارس
تحيّة سيدي المستشار، تحيّةَ إجلالٍ ووقار.. تحيّة بعد إنجازِكَ التّاريخي الذي “سطوْتَ” فيه على كذا مليار.. يا له من إنجاز في وقت تعيش فيه الأمّة أزمةً، ووباءً يُبيد النّاسَ في مختلف الأعمار.. إنجازٌ دخلتَ به التّاريخ وكنتَ به الفارسَ الـمِغْوار.. وكيف لا، وأنتَ قدّمْت البلادَ، وحرَّرْتَ الصّحراءَ، ووجدتَ حلولاً لكافّة الأضرار.. أنتَ أهمّ من جندي في صحرائنا، ومن عاملٍ يعاني من كثافة الغُبار.. أنتَ أهمُّ من موظّف، ومن معلّم، ومن أستاذ، ومن شرطي أفنى عُمرًا براتب يساوي [جوج كبار].. تحيّة إجلالٍ وإنْ أكلتَ سُحْتًا، وأكلُ السّحْتِ حرامٌ حسب تعاليم الواحد القهّار.. ما زِلْنا نذْكُر مآثركَ يوم تسابقتَ على الحلوى، فطاف إنجازُكَ عبْر العالم بواسطة الأقمار.. كما اقتَرحنا حلَّ مجلسِ المستشارين، لكنْ كنّا مخطئين، فنِعْمَ الدّار، ونعْم المستشار.. فكم أمّة تَغْبطنا على وجودِك، وتحسُدنا على منجزاتِك، وما أكثَرها في هذا الإطار.. أنتَ تستحقّ كذا مليار على هذه المزيّات الكبار.. أنا أنحني أمام شخصكَ، تقديرًا لقدْرِك، ومنزلتِكَ، وقد صرتَ لشَعْبِنا بمثابة مَنار.. فطوبى لكَ سيّدي المستشار!
إياكَ سيّدي المستشار، أن تغريك دولةٌ لمواهبِكَ، فتهاجر إلى دول الكفّار.. فأُمّتُكَ أَوْلى بكَ لِـمَا لكَ من فِكْر، وإبداع، واجتهاد، وابتكار.. فبفضلكَ وبسياستِكَ ما عُدْنا نرى اعتصامات لمعطّلين أعياهُمُ الانتظار.. لقد وفّرتَ شغلاً، وسكنًا، وتعليمًا رَدَّ لنا الاعتبار.. كنّا نرى شبابًا، يعتصِمون، يلتمسون، فكفَيْتَهم معاناة، وكيف لا، وقد كان ذلك في مُلْصَقِكَ أبرز شعار.. لقد أوفيتَ بوعدِكَ، وبعهودكَ، ولا أحدَ يستطيع الإنكار.. كان شبابُنا يفرُّ عبر البحار، ويركب مختلفَ الأخطار، طالبًا رغيفًا، هناك في بعض الأقطار.. لكن بفضلكَ، توفَّر الرّغيفُ، والشّغْل، جُعِلَ ذلك إن شاء الله في ميزان حسناتِكَ عند الواحد القهّار.. لقد كفيتَ العامل لهيبَ الأسعار، وأبرأتَ يديْه بعدما أحرقهما لهَبُ النّار.. دافعتَ عن أجرِه، وحقوقِه، وتقاعدِه، فصار الشعبُ يَذكُركَ ويثني عليك بعبارات الإجلال والإكبار.. كيف سَنُوفّيكَ أجركَ، لكن أجركَ عند الله في تلك الدّار..
كانت إدارتُنا قد أصابها السّأم، وكان بها موظّفونَ بائسون يلجونها كرْهًا، لا طوعًا، لكنْ بفضلكَ سيّدي المستشار، صارتْ جنةً، وانمحت وطأة الاضطرار.. كان المعلّمُ يتقاضى الملاليم، وجُمِّدتِ السّلاليم، لكن بفضلكَ رُفعَ الحيفُ، وتحسّنَ الإطار.. عانت الأمّةُ من جائحة [كوڤيد ــ 19]، فنشّطتَ العلومَ سيّدي المستشار، وحركتَ المختبرات، وشجّعتَ العلماء، فأنتج [المغربُ] بفضلكَ أنجعَ لقاحٍ في هذا المضمار.. لقد كانت المدنُ تعاني من مشاكلَ وقت الأمطار، وبتدخّلاتكَ، ومجهوداتِكَ، صارتِ المدنُ تشتمُّ المسكَ بدل رائحة الواد الحار.. لقد وجدتَ حلولاً، وكفيتَ المواطنَ مشاكل السّكن، وارتفاع مبلغ الإيجار.. كان تعليمُنا بمثابة معملٍ مُفْلسٍ وجامعاتُنا مجرّدَ مصانعَ تصنّع منتوجًا مآله (خزائن البطالة)، وبعضُه ينزوي في المقاهي طول النّهار.. لكنْ بفضلكَ فُتِحتِ الآفاق، وتناسلتْ فُرصُ التشغيل، وطوبى لمن كانت لديه علومٌ وأفكار.. أما بعد، سيِّدي المستشار، فهل أتاكَ حديثُ الصّحة؟ هذا القطاعُ كان يعاني من (قلّة الصّحة)، بحيث حطّمتِ المستشفياتُ أرقامًا قياسية في سوء الحال، وفي عدد الوفيات، كان القطاع يستغيث، ومن كان مريضًا مرضًا عضويًا، زاده المستشفى مرضًا نفسيًا، وجدرانٌ تنْدى، ومرضى يئنّون أناتٍ لا تُنسى، وممرّضون بائسون، وأطبّاء يائسون، وقاعاتٌ الأنفُسُ فيها لا تَطيب، وكأنّها زنزاناتُ تعذيب، لكن بفضلكَ سيّدي المستشار، صار ذلك ماضيًا منسيًا، يَصْعبُ على التّذكار.. فما أروعَ إنجازات الناس [الكبار] وعلى رأسهم السّيدُ المستشار..
لقد رفضتَ سيّدي المستشار، بصراحة وجميل اقتدار، أن تصبحَ انتخاباتُنا ميدانَ استثمار، وبفضلكَ اتخذتْ ديمقراطيتنا أحسن مسار، وبذلك كنتَ رجُلا شهمًا من الأحرار. والآن، كانت على وشكِ أن تُرتكب [جريمة مالية]، فحُلْتَ دونَها وقلتَ ثمانية ملايير يجب أن تُصَبَّ في الصّناديق الاجتماعية، وصناديق التّقاعد، حفاظًا على الاستقرار.. ثمّ يا له من قرار سيّدي المستشار، لقد برهنتَ عن وطنية، ومسؤولية، ونكران ذاتٍ كعادتِكَ ثم بارك الله فيكَ، وحيّاكَ الله من مستشار.. وفجأة أيقظني من نومي مؤذِّنٌ ينادي: أصبح ولله الحمد، وأدركتُ أنّه طلعَ النّهار، وما رأيتُه في منامي من منجزات المستشار؛ إنّما كان مجرد أضْغاث أحلام، وستزداد أوضاعُنا في الانحدار، ثم لا قرار، ولا استقرار، وأموالُ الشّعب، والأمّةِ تتعرّض للنّهب مع التّغنّي بوطنية مَلَلْناها لفرط التّكرار.. فالمستشار ذهب إلى القبّة من أجل الفخامة، والضّخامة، والراحة، وثِمار الواحة، ولا شأنَ له بتقدّم البلاد، وإذا ساءتِ الأمورُ لاذ بالفرار.. فمعذرة سيّدي المستشار، وقد اتّهمناكَ بما ليس فيك، وكيف نستشيركَ، وأنتَ ليس لديك ما فيه تُستشار.. لكن [براڤُو] سيّدي المستشار، وقد (سَطوتُم) على كذا مليار.. كان شعاركَ في ذلك: أنا وبعدي الطّوفان، وتبّا له من شعار..