خرجت هيئات حقوقية وأحزاب تنبه من غياب الحكومة أمام لهيب الأسعار وانعدام اجراءات ملموسة لمواجهة تدهور القدرة الشرائية للمغاربة، وعبرت حركة ضمير عن استيائها من استمرار ارتفاع أسعار المواد الأساسية، بما فيها المواد الغذائية والمحروقات، مما خلق جوا من الاستياء والتذمر العام.
ودعت ضمير الحكومة إلى مراعاة أوضاع الفئات الاجتماعية الهشة التي صارت من ضمنها الطبقة الوسطى نفسها، حيث تم تفقيرها من خلال السياسات المعتمدة، واعتبرت الحركة أن تسوية التوازنات الميزانياتية والمالية للحكومة على حساب المواطنين هو الخيار السهل الذي ينبئ بعدم اكتراث الحكومة بمعاناة أغلبية المغاربة، وعن عدم قدرتها على ابتكار حلول جديدة لضمان أوضاع أفضل لهم.
وتأسفت لكون قانون مالية 2023 يعدّ فرصة أخرى ضائعة أمام الحكومة لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي طال انتظارها والتي أحدثها نموذج التنمية الجديد الذي ظل مغيبا في برنامجها، حيث يؤكد القانون الخيارات الجائرة وغير العادلة التي ترفض بعناد تفكيك اقتصاد الريع، ومحاربة تضارب المصالح والفساد والتهرب الضريبي، كما ترفض الشروع دون مزيد من التأخير في الإصلاحات الكبرى التي تحتاجها البلاد.
وأدانت حركة ضمير بشدة وبأسف الأحكام الضريبية الواردة في قانون المالية 2023، والتي تقوض مبادئ العدالة الضريبية وتضخم الامتيازات الممنوحة للشركات الكبرى والطبقات الغنية، على حساب الطبقات الوسطى والصغرى والشركات الصغرى والمتوسطة والتي تشهد ضغوطا ضريبية تزداد سوءًا بشكل كبير مما يهدد بإفلاسها.
ومن جهة أخرى، استنكرت الحركة بشدة الموقف السلبي من قبل الحكومة فيما يتعلق بمصفاة “سمير” للنفط، حيث تمتنع السلطة التنفيذية عن البتّ في المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة في إفلاس جوهرة الصناعة الوطنية هذه، والتي يقع بعضها داخل جهاز الدولة نفسه، حيث ترفض الحكومة التعاون مع النظام القانوني من أجل تسهيل استئناف نشاط هذه المصفاة من قبل مجموعة من المستثمرين الصناعيين والمؤسسات.
ورفضت “حركة ضمير” كل المحاولات الخبيثة لبعثرة وإتلاف تراث مصفاة “سامير”، لا سيما من خلال تأجير صناديق التخزين الخاصة بها لمشغلين من القطاع الخاص، دون اخترام الشفافية والمنافسة من خلال إجراءات المناقصات العامة، كما أبدى ذات البلاغ استياءه من التسويف الذي أبداه مجلس المنافسة في التعامل مع ملف التقاضي بشأن الشك في وجود اتفاقات أسعار غير مشروعة لصالح بعض العاملين في مجال المحروقات، ودعت إلى تغيير أعضاء المجلس قبل أن تحكم هذه الهيئة الدستورية بشكل نهائي في ملف المحروقات.
وسجلت الحركة انهيار الحوار السياسي الوطني وتراجع النقاش العمومي، وتراجع الحكومة عن التزاماتها الانتخابية، مما يؤدي إلى إضعاف الأحزاب و تفاقم مناخ عدم الثقة، ظاعية كافة التشكيلات السياسية الديمقراطية إلى القيام بقفزة وطنية إلى الأمام لإضفاء المصداقية المطلوبة على العمل السياسي، وذلك عبر تفعيل الأدوار الرئيسية للأحزاب.
من جهته انتقد عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حصيلة حكومة عزيز أخنوش بعد سنة ونيف على تشكيلها، قائلا إنها “باعت الوهم والوعود الانتخابية التي لم ير منها الناس شيئا”، مشددا على أنها حكومة ليست على ما يرام، حيث لم تقم بأي شيء ذا اعتبار إلى الآن.
جاء ذلك في التقرير السياسي لابن كيران، خلال الدورة العادية للمجلس الوطني، السبت 14 يناير 2023 ببوزنيقة، حيث انتقد سحب الحكومة لمشروع قانون الإثراء غير المشروع، في بداية عملها، متسائلا عن الرسالة التي سيفهمها المواطنون من هذا الأمر، مردفا، هل تريد أن تقول إنك ستحمي من يستغل المال العام ويبني ثروة في المستقبل، هذا صعب جدا جدا، يؤكد المتحدث ذاته.
كما انتقد ابن كيران عدم اتخاذ الحكومة لأي إجراء أمام ارتفاع أسعار المحروقات بطريقة جنونية، كما فعلت العديد من الحكومات الأخرى، مشددا على أن المغاربة يفهمون ما يقع، ولهم قدرة على الصبر والتحمل، لكن يمكن أن ينفجروا، وحينها لن يردهم أي أحد.
وبعد أن عبر عن انتقاده أيضا لسحب الحكومة لمشروع قانون التغطية الصحية للواليدين من البرلمان، أكد أن المخصصات المالية التي رُصدت للمؤثرين للإشهار لبرنامج “فرصة”، هي عبارة عن رشوة لهؤلاء المؤثرين مقدمة من الحكومة، مشددا على أن هذا النمط من البرامج لا يستدعي هذه المخصصات.
وعن التخفيضات الضريبية التي قامت بها الحكومة لصالح المقاولين عبر قانون المالية الحالي، والتي وصفها ابن كيران بغير المناسبة، ذلك أن تلك الضرائب منخفضة أصلا، شدد أن رجال الأعمال لا يطالبون بهذه التخفيضات بل يطلبون بتخفيف العراقيل الإدارية، والمساواة ومحاربة المحسوبية، داعيا إلى إيلاء العناية والانتباه بالفئات الأكثر هشاشة.
وبخصوص ورش التغطية الصحية، حذر ابن كيران من خطر ضياع حقوق ملايين المستفيدين من راميد، وكذلك قضية الأرامل.
وانتقد المتحدث ذاته الطريقة السيئة التي تحدثت بها حكومة أخنوش عن إصلاح المقاصة، قائلا إن حزبه كان عضوا في الحكومتين السابقتين عبر وزارات أساسية، ولولا الإصلاح الذي تم لتوقفت برامج اجتماعية أساسية كالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية وغيرها.