أجمع جامعيون ومسؤولون على أن تقرير النموذج التنموي يعد وثيقة مرجعية للسير نحو التنمية في المغرب، معتبرين خلال ندوة نظمها يوم السبت مركز النهار للدراسات الاستراتيجية والإعلام بشراكة مع مؤسسة “أشطاري24” حول “قراءات في النموذج التنموي المغربي الجديد على ضوء التقرير المرفوع الى جلالة الملك”، ان ما وصل اليه التقرير يعد ذكاءا جماعيا لتسطير خارطة طريق عمل على امدى الطويل، ان النموذج التنموي الجديد فيه تشخيص شمولي للوضعية التنموية للبلاد مع رصد مؤهلاتها و التحديات التي تواجهها الأمر الذي جعل الشعب المغربي يتطلع نحو مستقبل أفضل حيث أن هناك جامع مشترك بين مكونات الشعب المغربي يتمثل الإسلام بما يمثله من قيم و مبادئ ثابثة و راسخة و منفتحة تتماشى مع روح العصر مع إحترام الأقليات الدينية الغير المسلمة، و الملكية باعتبارها رمزا يوحد المغاربة بمختلف مشاربهم الفكرية و السياسية…و باعتبارها كذلك صمام أمان و استقرار البلد و باعتبارها الحكم الأسمى بين مختلف المؤسسات و الهيئات الوطنية، و الوحدة الترابية للمملكة باعتبارها قضية إجماع من المغاربة قاطبة، و الإختيار الديمقراطي عبر ترسيخ مؤسسات منتخبة و قوية.
النموذج التنموي الجديد وثيقة مرجعية
وشدد أحمد مزهار أستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بجهة فاس مكناس، على أن تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد يعد وثيقة مرجعية تضاف الى تقارير سابقة اهمها تقرير المغرب الممكن « 50 سنة من التنمية البشرية بالمغرب في آفاق 2025»، لكن ما يميز تقرير لجنة النموذج التنموي هو الرعاية الملكية السامية، ومدة اشتغال اللجنة، اضافة الى منهجية الاشتغال ذات البعد التشاركي الواسع. مما جعلها وثيقة ذات بعد استراتيجي تتضمن رؤية طموحة لمغرب 2035، مغرب رائد ومزدهر ومستدام، مغرب الجرأة والكفاءات. يتمتع بالقوة والريادة بفضل قدرات مواطنيه وفي خدمة رفاههم.
واشار الى انه سبق لوزارة التربية الوطنية احداث لجنة مركزية لملاءمة حافظة المشاريع الاستراتيجية لتنزيل القانون الإطار 51/17 ، وهو معطى هام جدا يؤكد ان فحوى التقرير يؤخذ بعين الاعتبار، كما عرفت الدعوة الى احداث مراكز التميز لمهن التدريس ، وتجميع المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين مع المدارس العليا للتربية والتكوين والمدارس العليا للأساتذة في اطار قطب منسجم ومتكامل مع ضمان استقلالية كل مؤسسة هو تصور ناضج ينصف هذه المراكز ويعزز استقلاليتها وادوارها كمؤسسات للخبرة ومختبرات للابتكار.
ودعا الى ضرورة احداث آليات للتنسيق ترابية بين جميع المتدخلين في التربية والتكوين (جامعات، مراكز جهوية ،اكاديميات جهوية، مؤسسات التكوين المهني، و الاستثمار في الطفولة المبكرة من خلال تطوير التعليم الاولي، والاهتمام بموارده البشرية بعد اصدار اطاره المنهاجي من خلال اعتماد التوظيف بدل الرهان على المجتمع المدني فقط في مجال استراتيجي وحيوي، و احداث علامة جودة للمؤسسات التعليمية يحتاج الى ضمان استقلالية ادارية ومالية للمدارس مع تحفيز للاطر الادارية وتسوية وضعيتهم .
وشدد مزهار ، على الرهان على التربية القيمية وترسيخ قيم المواطنة والحس المدني باعتبارها الموجه للسلوك حتى تصير المواد الحاملة للقيم مؤثرة في الواقع المعاش وهوما يحتاج الى جهد كبير لتجديد بيداغوجيا تدريس القيم، و الاستجابة لمطلب النظام الاساسي الموحد الذي دعا له التقرير والتاني في اصدار انظمة اساسية بالتعليم المدرسي او العالي غير مجمع حولها الى حين فتح نقاس موسع لتكون محفزة وعادلة .
الخيارات الاقتصادية في النموذج التنموي الجديد.. إعلان عن فشل تجربة في الحكم
واعتبر الدكتور رضوان زهرو أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق عين الشق الدار البيضاء، ان ” ما توصلت إليه اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، من نتائج وما اقترحته من توصيات، يمكن اعتباره ذكاء جماعيا معتبرا ومقدرا، يستحق كل الشكر والثناء؛ فهو عمل بناء؛ مؤطر و بشكل أساسي، على الأقل بخطابين ملكيين مرجعيين: خطاب العرش و خطاب ثورة الملك والشعب، لسنة 2019 ، حيث أراد جلالة الملك منذ البداية، أن تكون مهمة اللجنة ثلاتية؛ تقويمية، استباقية، واستشرافية؛ و كذلك ذات طابع استشاري – لا يمكنها بأي حال من الأخوال، أن تحل، محل الحكومة أو محل أي سلطة أو مؤسسة أخرى- لجنة تقدم الاقتراحات، وتعتمد على المكتسبات، في عدد من القطاعات، كالتعليم والصحة والفلاحة والاستثمار والنظام الضريبي…فإلى أي حد قد وفقت اللجنة، في تقديم ملامح إصلاح تنموي شامل، كما أراده جلالة الملك، خاصة في شقه الاقتصادي ( وهو موضوعنا هنا)؟
وأكد أنه ” ينطلق النموذج التنموي الجديد كما جاء في التقرير، من مؤهلات وإمكانات، استغلالها واستثمارها على الوجه المطلوب، سيمكن من دون شك، بلادنا، من تحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود، و بلوغها مصاف الدول الصاعدة. ولم لا التموفع ضمن كبار هذا العالم،
من هذه المؤهلات والإمكانات يشير التقرير إلى: الموقع الاسنراتيجي المتميز، الاستثمار المكثف في البنى التحتية الأساسية، خاصة خلال العقدين الأخيرين، توافر رأسمال طبيعي، و آخر لا مادي غني ومتنوع، و وجود سوق داخلية واعدة، يجب توسيعها وتحديثها.
وأشار الى انه انطلاقا من هذه المؤهلات و الإمكانات، تقترح اللجنة الخيارات الاستراتيجية التالية، الى تقوية مساهمة القطاع الخاص وفي نفس الوقت، تقوية دور الدولة، مع مواكبة القطاع العام، وإصلاح وتحديث وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، و توزيع عادل ومنصف لثمار النمو بين كل الأفراد والجهات، و و الاستثمار في الأنشطة الإنتاجية، وذلك عبر خلق قاعدة إنتاجية، يكون من أهم مميزاتها الأساسية، و خلق نسيج اقتصادي حديث، متنوع، تنافسي وأكثر إنتاجية، و ومزيد من الانفتاح والاندماخ في الاقتصاد العالمي، مع التوجه أكثر نحو التصدير، لكسب رهان إشعاع المنتج مغربي الصنع.
وشدد على ان” الإمكانات والمؤهلات التي أشار إليها التقرير تعتبر من المزايا النسبية الهامة والأساسية لتحقيق أي نمو اقتصادي أو تنمية دامجة ومستدامة، لكنها في الوقت نفسه، هي غير كافية لوحدها؛ فلا بد من توافر مزايا تنافسية أخرى إلى جانبها، كما أن هذه المؤهلات والإمكانات ليست جديدة أو طارئة اليوم، وإنما كانت دائما موجودة، ومع ذلك لم نستطع تحقيق التنمية المنشودة؛ فما الذي سيجعلها تحقق التنمية اليوم وخلال المرحلة القادمة؟ اللهم إلا إذا تدخل عنصر اقتصادي جديد، من خارج الدورة الاقتصادية الحالية ( والتي تعتبر على طبيعتها الحالية، ضيقة ومحدودة جدا) كاكتشاف ثروة طبيعية جديدة، من غاز أو نفط أو ذهب، أو الوصول مثلا محليا، إلى تكنولوجيا عالية – وهو أمر صعب جدا في اعتقادي اعتبارا للمعطيات الوطنية الحالية- أو جلب مكثف نحو بلادنا، لاستثمارات أجنبية مباشرة و غير مباشرة.
وأفاد ان “تقوية القطاع الخاص والرفع من مساهمته كما جاء في التقرير، من خلال إزالة جميع العراقيل والصعوبات أمامه، وكذلك دعمه ومساندته وتحفيزه، لم يتوقف، و لا يزال مستمرا حتى اليوم ( على الأقل منذ بداية ثمانينيات القرن الماض) من دون أن يحقق الأهداف المتوخاة منه، لأن المشكل هيكلي ومعقد جدا ؛ ويتمثل بشكل أساسي، في البنية الهشة والتقليدية التي يوجد عليها قطاعنا الخاص و توجد عليها أغلب مقاولاتنا. هذه المقاولات التي لا زالت تفضل الانغلاق على الانفتاح، و تفضل التسيير التقليدي على اعتماد طرق تدبير حديثة ومتطورة، وفي ما يتعلق بدور الدولة، والذي يدعو التقرير إلى إعادة الاعتبار له، من خلال دولة قوية ( يقصد هنا بالدولة القوية، الدولة المركزية التي تنطلق منها القرارات وإليها تعود) دولة حامية وناظمة، في وقت نحن اليوم قد نكون بحاجة أكثر ، إلى “دولة تنموية”، لا تكون لا حارسة ولا تدخلية.
إن الحسم في “دور الدولة” هذا، يمكن اعتباره، قضية تنموية مركزية، بل وأهم خيار استراتيجي على الإطلاق، ومن القضايا الجوهرية الأخرى التي لم يتم الحسم فيها وإعطاء حلول بشأنها، بشكل مباشر ، واضح و صريح، وإن أسهبت اللجنة أحيانا، في تشخيصها والتذكير ببعضها، نذكر على سبيل المثال فقط:اقتصاد الريع، القطاع غير المهيكل، الاحتكار واحتكار القلة، جدوى الاستثمار الأجنبي المباشر تقييم الشراكات المختلفة، مع الدول و مع التكثلات، خطر المديونية، الداخلية والخارجية؛
وذكر انه نجد التقرير نفسه، وعلى عكس ما كان متوقعا، يعمل على تكريس هذه المديونية، و يقترح في تمويل النموذج التنموي الجديد، من بين ما يقترح، التوجه نحو سوق الرساميل أو القروض المباشرة أو الاستثمار الأجنبي المباشر، أو إبرام شراكات مختلفة ( وهي كلها آليات تمويلية تقليدية ومجربة) من دون أي إبداع أو اجتهاد كبير؛ سواء بالنسة لتمويل الحماية الاجتماعية أو تمويل الاستثمار في البنى التحتية الأساسية، كذلك إصلاح النظام الضريبي، وخاصة ما تعلق منه بتنزيل مخرجات المناظرة الوطنية للجبايات، أو ما تعلق بمآل بعض الاقتراحات الضريبية، كالضريبة على الثروة مثلا، والضريبة على التلوث البيئي، والضرائب على الأنشطة الرياضية والفنية و التجارة الالكترونية والضريبة على الأرباح الناتجة عن العمل في المجال الرقمي وفي العالم الافتراضي بشكل عام.
وقال انه ” لا شك أن هذا التقرير العام قد أخذ بعين الاعتبار الجائحة وتداعياتها المختلفة و توقع مستقبلا، احتمال كوارث وأزمات أخرى متكررة، مثل هذه الجائحة؛ فكان حريا به أن يركز على أولوية وضرورة تبني “استراتيجية الاعتماد على الذات” ، إلى جانب دعوته إلى مزيد من الانفتاح على الخارج والاندماج في الاقتصاد العالمي، والتوجه نحو التصدير؛ لأن الأمن الغدائي والأمن الدوائي قضيتين استراتيجيتين و مركزيتين، اليوم أكثر من أي وقت مضى. كما كان على اللجنة كذلك تقديم سقف توقعات معقول، منطقي و مقبول وأكثر عقلانية، فيما يتعلق ببعض الأرقام والمؤشرات التى سيسعى النموذج التنموي الجديد إلى تحقيقها، خلال الخمسة عشر سنة المقبلة.
وتابع ” يمكن للتقرير الذي بين أيدينا أن يشكل خارطة طريق حقيقية، ناضجة وشاملة، و عرضا متماسكا ومتكاملا (بمتابة أرضية صلبة) يطرح للتداول و النقاش العمومي، من أجل تجويده وتطويره ، قبل اعتماده بشكل نهائي، والشروع في تنزيله على أرض الواقع، مضيفا ” لقد تضمن التقرير عدد من العبارات القوية التي حاولت ترجمة جانب من الإحساس العام الذي تشعر به شرائح واسعة من المغاربة؛ أبرز هذه العبارات، عبارة غياب الثقة؛ غياب الثقة في المستقبل، و في المؤسسات، وفي الإدارة، وفي النخب السياسية والاقتصادية، وحتى في بعض القئات الميسورة التي لا تساهم بشكل كاف، في المجهود التنموي لبلادنا،
و يمكن اعتبار التقرير الذي بين أيدينا، بمتابة إعلان صريح من اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، عن إغلاق قوس، امتد لما يناهز عشر سنوات، كما يمكن اعتباره كذلك اعترافا “شبه رسمي” بفشل تجربة في الحكم، وفي تدبير الشأن العام الوطني، خاصة عندما يتحدث التقرير ومنذ البداية، عن، الفشل في تنزيل مضامين دستور 2011، – وغياب أجوبة شاملة ومندمجة في مجالي التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتواجد دينامية سياسية غير ملائمة، ساهمت في تعطيل مسار الإصلاحات وتعطيل عجلة النمو وتردي الخدمات العمومية؛ ولذلك تطالب اللجنة اليوم بضرورة السند السياسي لكل الإصلاحات المقترحة في النموذج التنموي الجديد.
قراءة الدرداي في وثيقة النمذج التنموي
وشدد الدكتور أحمد الدرداري أستاذ التعليم العالي رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات، على أنه” لابد من القول أن في بلدنا قيم واكثر قيمة لدينا يمكن الانطلاق منها والعودة إليها في كل مر، هي الإرادة الملكية التي تبقى واضحة ومعلومة ودقيقة والتي تنم عن إرادة جلالة الملك حفظه الله في التحول نحو نموذج تنموي مغربي، وان المبحوث عنه في هذا التقرير هو ارادة باقي الفاعلين كقيمة مبحوث عنها لترسيخ او تنزيل نموذج تنموي مغربي، نقول بناءا على تشخيص موضوعي شمولي للوضعية التنموية في بلادنا استطاعت لجنة النموذج التنموي ان ترصد المؤهلات المتوفرة وان ترصد ايضا الإختلالات ومكامن الضعف ومكامن الخلل مع طرح إمكانية التحول الهيكلي لا على المستوى الترابي ولا على المستوى الوطني ومع ارادة الدولة طبعا في تقوية أرضية صلبة تنخرط فيها كل الأجيال وكل الفعاليات وكل الطاقات من أجل تغير وجه المغرب المعاصر، أي وجه المغرب الحالي فالتقرير يهدف من خلال عرض لنموذج تنموي حسب تقرير اللجنة الى رسم مسار تنموي يستند على انتظارات وتطلعات المواطن لكن لديها أيضا ارتباطات بالوعود الدستورية التي جاءت في دستور 2011 ، طبعا هذا التقرير الهدف منه هو الوقوف على سؤال لماذا لم نتقدم في الزمان والمكان المطلوبين وإعطاء تصور عن لماذا لم نعطي من قبل تصور لتنمية تشاركية ؟ من طرف كافة الفاعلين ويستوعب الجميع الشرائح المجتمعية كلها و بشكل يجعل من تدبيرنا التنموي نمطا ونموذجا جيداً متناغما تشاركيا يعني جماعيا وهو ما جعل اللجنة تقف على مجموعة من المعيقات وهي معيق البطء في المساطر ، البطء التنموي معيق حول غياب الإنسجام ثم محدودية القدرات في النظام العام ثم أيضا ضعف الحماية القضائية كمرتكز مهم للنموذج التنموي .
أنا أقول بأن عمل اللجنة وأسئلة لابد من طرحها قبل عرض الحصيلة وهو عمل اللجنة ، هل اعترضته صعوبات ؟ بالطبع نعم ، هل وقفت على أهم العراقيل في حياتنا التنموية بالطبع نعم وهل ضبطت كيفية الجمع بين القوى العقلية والقوى الإنتاجية و القوى التسويقية ؟ هذا هو المبحوث عنه، هو كيف نجمع بين القدرة العقلية، أي قدرة التفكير وقدرة التنظير و قدرة الإنتاج بكافة مستويات الإنتاج ثم قدرة التسويق أي الوصول الى قلب التنمية الا وهو المواطن في اعتقادي ان المشروع الذي وضع بين يدي جلالة الملك هو مشروع تنموي جديد ويعتمد على مرجعية جديدة للتنمية، و يكلف جميع الفعاليات وجميع القوى الحية الإنخراط كل من زاويته لكي نعلن عن ان المغرب دولة صاعدة و دولة من حقها ان تلتحق بنادي الدول الصاعدة . فمسؤولية الإقلاع الشامل مسؤولية المغاربة ومسؤولية التنمية والتخطيط هي مسؤولية المؤسسات المتخصصة و المختصة قانونا ودستورا واقول بأن جميع الفاعلين ينبغي أن تجمعهم مقاربة تشاركية، و في إطار ما درسته في هذا التقرير اقول بأن اللجنة استطاعت أن ترسم مسارا تنمويا جديدا ولكن يبحث هذا المسار عن الثقة، ثقة المواطن في المؤسسات و ثقة الدولة في المشروع التنموي و ثقة الفاعلين فيما بينهم من اجل النهوض بالمغرب من جديد وتعزيز الحماية القانونية والمعنوية وتعزيز الحماية المؤسساتية وحماية الرأسمال اللامادي لأن الهدف من وراء النموذج التنموي هو الإنسان. فجميع الفاعلين سواء الفاعلين العموميين او قطاع الخاص او الاحزاب السياسيه او الجمعيات او الجامعات او مراكز الدراسات كلها فعاليات معنية بإنجاح الورش المغربي الجديد، طبعا ومن المؤكد أن اللجنة وقفت على خيارات استراتيجيه وعند رهانات مستقبلية وسجلت ضرورة تسريع وتيرة التحول الهيكلي للإقتصاد الوطني و قالت بضرورية تحريك دينامية اكثر نجاعة و انسايبية واكثر سرعة واكثر تفاعلا وتنوعها وتنافسية، ثم ان اللجنة حينما رصدت الواقع و أرادت أن تقدم نموذجا من داخل المؤسسات او من خارج المؤسسات وهي تريد أن تبحث عن منهجية الإشتغال التي يمكن أن محاربة من خلالها من لا يشتغل ومن لا يريد ان يؤدي مهامه ضمن مشروع وطني بشكل متناغم ومتماسك في جميع القطاعات الفلاحية والاقتصادية والسياحية والتربوية والاجتماعية كلها، فعموما يمكننا القول ان المغرب يمكن ان ينطلق ويمكن ان يحقق نموذجا تنمويا يبحث عن الإندماج وعن صفة مغربية تنموية محضة و بدفع إرادة جماعية بمشاركة المرأة بمشاركة الشباب بمشاركة القطاع الخاص وبكل مكونات المجتمع المغربي من اجل دعم تنمية دامجة و مندمجة، ضمانا لقاعدة العمل المشترك واستثمارا للتعدد الثقافي واستثمار ما يسمى بالبعد الحضاري للمملكة المغربية.
أنا أقول بأن مغرب الإحراج ومغرب الصراحة من داخل الثوابت الوطنية هو الذي يمكن أن يبني مغربا تنمويا او نموذجا تنمويا، فحماية الإصلاح ينبغي ان تكون حماية للمصلح ولا يمكن للإصلاح ان يكون بحماية المفسد، وربط المسؤولية بالمحاسبة من أهم القواعد والضوابط التي يمكن أن تكون سندا وقوة للنهوض بهذا النموذج التنموي، والنتائج المنتظرة لابد أن تعتمد أساليب الشفافية واسلوب الحكامة و التشارك والإنصات أسلوب القرب و الانفتاح .
لكن اين هو الخلل ؟ الخلل في حياة المواطن ولماذا لم يكن لدينا نموذجا تنمويا مرقمنا، رقمنة نموذج التنموي وهذه توصية في هذه الندوة لماذا لا يترجم هذا التقرير إلى مشروع مرقمن كل يحتل مكانه ضمن رقمنة سواء كان مستهدفا او كان فاعلا او كان وسيطا او كان مؤطرا ، اذا كان لدينا النموذج التنموي مرقمن، سيحفظ لنا عملية صرف المال العام ويحفظ لنا الحقوق والحريات ويضمن لنا أيضا المبادرة والتنافس وسنكون محيطين ببعضنا البعض عن طريق ارقام وعن طريق حسابات شفافة يسهل معها ربط المسؤولية بالمحاسبة و لانجد مجالا للإجتهاد الزائد. اذن هنا اقول بأن أرضية التعاقد هي أرضية النموذج التنموي أرضية متوفرة ، ولكن حذاري من ان يكون هناك إمكانية لحماية الريع الإقتصادي او الريع السياسي لأن فشل الوطن اذا فشل فاعل من الفاعلين داخل النموذج التنموي، سينعكس بالسلب على باقي الفاعلين، لذلك ينبغي ان لا يكون في دولة القانون هنالك من يريد أن يركب على النموذج التنموي في ظله أو في خلفيته لكي يمرر ريعا جديدا، وفي مغرب جديد يرقى او يتوخى ان يصل إلى نادي الدول الصاعدة. فعموما السياسات المالية والسياسات الإقتصادية و الإجتماعية ينبغي ان تكون برؤية متكاملة يعني سياسة عمومية معينة تكمل السياسة العمومية الأخرى، واقف هنا عند المجال الضريبي فالعدالة الضريبة هي اساس المشروع التنموي هذه ملاحظة على مشروع النموذج التنموي حيث ينبغي ان تكون هناك عدالة ضريبة وتوسيع الوعاء الضريبي، لان المال هو عصب النموذج التنموي وينبغي أن لا يكون احد خالي او معفي من اسهامه المادي والضريبي، لأن خزينة الدولة اذا كانت قوية فإن التنمية بطبيعة الحال ستكون قوية. انا أقول هذا النموذج يحتاج الى الإلتزام السياسي والى الإلتزام المجمتعي سواء المادي او المعنوي لأن جلالة الملك حفظه الله لما اراد استخراج تصور تنموي نموذجي للمغرب، أراده متاكملا لا خلل فيه ولا خطأ فيه والكل متحمل فيه المسؤولية، فمثلا التعريف بالنموذج التنموي ينبغي ان يكون بطابع مغربي وينبغي أن يكون بخصوصية مغربية وان المرجعية لهذا النموذج ينبغي ان تكون الهدف منها التنمية الوطنية ثم انه ينبغي ان يكون متجانس لإستراتيجيات كل استراتيجيه ينبغي ان تكون متكاملة مع الاخرى ، وأنا أقول هنا يتطلب الأمر وضع خلفية للعمل الحكومي ، و هذا النموذج من خلال هذا التقرير ينبغي ان يكون خلفية الحكومات اي الخلفية السياسية لأي حكومة، ولايمكن لأية حكومة كيف ما كانت الا وتشتغل على ضوء هذه الخلفية التي جاءت في مضمن هذا التقرير الذي أعدته اللجنة لتوجيه البرامج الحكومية، لاسيما اننا نحن امام تحول مهم، تحول استراتيجي تحول دولي فلايمكن لهذا التحول الا أن يرافق بنموذج تنموي يستطيع من خلاله المغرب ان يقول انه دولة تناقش على المستوى الدولي، يدافع عن مصالحه الإستراتيجية، يقول كلمته في المجتمع الدولي وهو واثق من معطياته المادية والمعنوية والتنموية والبشرية، فالمعطى التنموي مهم والمسار المشترك مهم ، و اقول ان المغاربة اليوم جميعهم ينبغي ان يفتخروا لأنهم فكروا بصدق في ان يخرجوا من الاختلالات المجالية ومن الفوارق الاجتماعية، بالبحث عن مخرج قد لا يلائم مئة في المئة الوضع ، ولكنه بوابة أساسية وانه ممك تطوير هذا النموذج مع الوقت لأن النموذج من الممكن ان بدخل عليه اصلاحات، وممكن ان يكون قابل للمراجعة وجلالة الملك حفظه الله، كل محور من محاور النموذج التنموي اذا لم يرضيه فسيعمل على تغيره الى ان نصل الى النموذج المتكامل، وهذا بداية النموذج وليس النموذج المثالي، وبداية وضع التنمية على سكتها في قالب نموذجي قد يكون ليس هو الأجود ولكنه مهم في هذه الظرفية.
حينما نقول النموذج التنموي الآن الذي بين أيدينا هو مجهود لشهور من العمل و هو عصارة عمل لجنة مكونة من نخبة عارفة، متمرسة، متكونة. ولكن علينا أن نقتنع بأن العمل يبدأ بهذا المجهود ثم لكي نصل إلى الرقي، لكي نصل إلى ما هو أفضل ينبغي أن نعمل بحزم على تطبيقه، و نرى أين هو الخلل في تنزيله، و عموما تبقى دولة القانون ودولة المؤسسات، ودولة الحرية، ودولة الواجبات، و ليس الحقوق فقط، هنا ينبغي أن نقف عند الواجبات و نستخرج كل الواجبات من هذا النموذج مقابل استخراج كل الحقوق و نرى هل المغرب يقبل بالموازنة بين الحقوق و الواجبات لأن هذا الذي ينتظره بلدنا .
و ما يمكنني أن أضيف هو طموح أن جميع المغاربة لكي يرى هذا النموذج النور و هو مصحوب بسؤال عميق : هل هذا النموذج الذي تقدمت به اللجنة الكريمة بين يدي جلالة الملك -بتقرير مفصل- سيعكس لنا عقدا اجتماعيا جديدا ينم عن دخول المغرب مرحلة التوافقات، مرحلة الإلتقائية و الالتفاف خصوصا و أن اللجنة توصلت إلى حقيقة مفادها عدم وضوح المسؤوليات و ضعف الانسجام و ضعف الالتقائية بين الفاعلين و أن إيقاع الإصلاحات كان بطيئا.
إذا، ما يمكنني أن أقول هو ينبغي أن نراهن على التنسيق العمودي و الأفقي و على التحول البنيوي للاقتصاد و عن تقوية القدرات الحقيقية للقطاع العمومي للدولة، لأن الدولة ينبغي أن تبقى حاضرة و هي السند القوي للبقاء و الاستقرار و لحماية الحقوق و حماية الحريات.
ثم أيضا لابد من التوجه إلى تقوية القضاء و دور القضاء في حماية الحقوق و الموروث الإنساني و البشري و التنموي. و لا يمكن أن نخرج من هذا اللقاء الكريم إلا ونحن واضعين أصبعنا على القضاء لأنه أساس حماية هذا النموذج التنموي و مضمون هذا النموذج التنموي، و حماية حصص الشركاء وحماية المغرب والمغاربة حاضرا ومستقبلا.
النموذج التنموي الجديد فيه تشخيص شمولي للوضعية التنموية
واعتبر محمد المسكين رئيس جمعية الطلبة الباحثين بسلك الدكتوراه بكلية الشريعة بفاس وعضو ملجسي كلية الشريعة وجامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس ، ان النموذج التنموي الجديد فيه تشخيص شمولي للوضعية التنموية للبلاد مع رصد مؤهلاتها و التحديات التي تواجهها الأمر الذي جعل الشعب المغربي يتطلع نحو مستقبل أفضل حيث أن هناك جامع مشترك بين مكونات الشعب المغربي يتمثل في:
1 الإسلام بما يمثله من قيم و مبادئ ثابثة و راسخة و منفتحة تتماشى مع روح العصر مع إحترام الأقليات الدينية الغير المسلمة
2 الملكية باعتبارها رمزا يوحد المغاربة بمختلف مشاربهم الفكرية و السياسية…و باعتبارها كذلك صمام أمان و استقرار البلد و باعتبارها الحكم الأسمى بين مختلف المؤسسات و الهيئات الوطنية
3 الوحدة الترابية للمملكة باعتبارها قضية إجماع من المغاربة قاطبة
4 الإختيار الديمقراطي عبر ترسيخ مؤسسات منتخبة و قوية
و أبدى ملاحظات عامة حول التقرير لخصها في:
صياغة التقرير عبر الاسغاء و الاستماع و المشاورة إلى:
أولا النخبة السياسية و و الإقتصادية و الثقافية و الإجتماعية
ثانيا أراء المواطنين و المواطنات
ثالثا المؤسسات المعنية مباشرة بتحقيق التنمية: مقاولات المغرب هيئات المجتمع المدني مؤسسات عمومية
رابعا الإهتمام بالمجال الحضري و القروي معا
و عرج على بعض الإشكالات المعيقة للتنمية من بينها
مقولة وردت في التقرير على لسان إحدى الطالبات لخصت عمق الاشكال:” هناك من يتوفرون على كل شيء و هناك من لا يملكون أي شيء ” أي احساس المغاربة بتفاوت طبقي صارخ الأمر الذي يتطلب إعادة توزيع الثروة بشكل عادل إضافة إلى مطلب المغاربة تجريم الإثراء الغير المشروع
نظامنا التعليمي يقتل الإبداع الأمر الذي يتطلب بلورة إصلاح شمولي للمنظومة التعليمية برمتها أي ضرورة إعتماد تعليم عصري يستجيب لتطلعات المجتمع عبر ربط التعليم بسوق الشغل الحقيقية و إعتماد تكوينات بداغوحية و علمية تواكب التنمية إضافة إلى ربط التكوين بحاجيات المغرب
الفساد و الغش و المحسوبية في جل الإدارات المغربية الأمر الذي يتطلب سلطة قضائية مستقلة و شفافية و نزيهة لإرجاع الثقة للمواطن و تشجيع المستثمر الأجنبي الدخول إلى المغرب
أما موقف الشباب المغربي من المشاركة السياسية والأحزاب فهو سلبي فلا يثق في الأحزاب بل ينظر نظرة احتقار إلى العملية برمتها و ذلك راجع إلى
ضعف التأطير السياسي و الحزبي للشباب
عدم إشراك الشباب في القرار الحزبي و انتدابه للمهام التدبيرية
عدم ملامسة هموم الشباب من طرف الأحزاب خاصة قضية التشغيل
ضعف النخب السياسية داخل الأحزاب
ضعف هامش الحرية و الاستقلالية عند جل الأحزاب
لذلك ليس في مصلحة الدولة إضعاف أحزابها السياسية باعتبارها وسيطا حقيقيا بينها و بين المجتمع
أما على مستوى مقترحات التمويل للمشروع فإن اللجنة اعتمدت على الطريقة التقليدية في التمويل و لم تبدع في هذا الصدد بل اغفلت صيغ تمويلية أخرى مثل التمويل الوقفي خاصة للمشاريع الكبرى
ليخلص في الختام أن المشروع طموح جدا يحتاج إلى:
قضاء نزيه و مستقل
قطاع خاص مواطن و مسؤول
نخبة اقتصادية و سياسية و مجتمعية قادرة على مواكبة النموذج
أحزاب قادرة على الالتقاط الإشارات و تضمين خلاصات المشروع في برامجها الانتخابية
إدارة عصرية و متطورة