ظهر أن قادة جماعة العدل والإحسان يقفون وراء كثير من الأحداث، التي تتعلق بخروج الأساتذة أطر الأكاديميات للاحتجاج، ناهيك عن التورط في إخراج التلاميذ إلى الشارع لدعم الأساتذة، دون مراعاة أنهم غير “بالغين” السن التي تجعلهم قادرين على اتخاذ الموقف السليم، ومن يتحدث عن “الحركة التلاميذية” لا يرى ولا يقرأ تاريخ المدرسة في المغرب، يومها كان التلميذ كبيرا في السن، أما اليوم فنادرا ما تجد تلميذا بالغا لم يتجاوز الباكالوريا، ولهذا المقارنة غير تاريخية بتاتا، وإخراج التلاميذ للاحتجاج توريط لفئة غير معنية بذلك.
يبقى المنطق الذي يجب اتباعه هو تحييد كافة الفئات غير المعنية بهذا الموضوع، حتى يمكن حل الملف أما مزيد من التوريط هو مزيد من التعقيد، لن تستفيد منه إلا التيارات العدمية، وجماعة العدل والإحسان غير معنية بتاتا باستقرار البلاد، فالمطالب مشروعة من حيث القانون ومن حيث الإعلان عنها والدفاع عنها، والحوار وسيلة لحلها لكن الجماعة مسرورة بأي حركة في الشارع يمكن أن تتحول إلى الفوضى.
قيادة الجماعة تعرف الحقيقة لكن لا تريد لأتباعها أن يعرفوا ذلك، لأنهم حينها سينفضون من حولها، فهي تعرف أن مشروعها لم يعد يجد آذانا صاغية وما عاد أحد يصدقها، وأن أحلام المرشد والمؤسس انتهت من زمن بعيد لكن بما أن القضية شبيهة بالسجل التجاري فإنها لن تتخلى عن مشروع الفوضى.
كان عبد السلام ياسين يبشر أتباعه بداية الألفية بالقومة، التي ستحدث في 2006، مستدلا على ذلك بالأحلام أو الرؤى كما يسميها، وكان ياسين قد استند إلى تقرير مركز غربي ينذر بانفجار اجتماعي في المغرب، وهو ما التفت حوله الدولة بمزيد من الحلول والمشاريع فأُسقط في يديه وقال لأتباعه “إنكم قوم تستعجلون”. ولما هلت نذر الربيع العربي مد يده لرعاة هذا الربيع، ولما تبين له أن الأمر ليس كما يظن أمر أتباعه بالانسحاب من حركة 20 فبراير.
وبعد أن رحل عن دنيا الناس “داخت” القيادة الجديدة وبقيت تنتظر أي تحرك شعبي لتركب موجته، ووجدت اليوم في الاحتجاجات التي يقوم بها الأساتذة أطر الأكاديميات، بغض النظر عن معقوليتها، مركبا جديدا تعبر به نحو أهدافها، التي تتجلى أساسا في الفوضى، التي تخولها الظهور وإبراز القوة وانتقاد الآخرين، بل اعتبار هذا الملف وغيره دليلا على فشل الإصلاح السياسي.
لما الجماعة أصبحت متمسكة بملف مثل هذا يعني أنها لم يعد لديها مشروع سياسي تعتمد عليه وتبني عليه وجودها، وأنها أصبحت حركة تسعى للبقاء بأي ثمن حتى لو تمسكت بأفكار تعود لحقبة سابقة اندثرت ولم تعد منتجة، وتخلى عنها أصحابها، والجماعة لا تحب التغيير في الأفكار والأطروحات لأن ذلك يعني فناءها ولو أقدمت على تعديلات في مشروعها لانفض الجميع لأنها تبيع الأوهام لأعضائها وها هي تبيعها اليوم للأساتذة أطر الأكاديميات.