نشرت وكالة الأنباء الرسمية أسعار كبش العيد من مختلف المناطق، مقدمة متوسط الثمن، وتبين أنه أرقام قريبة من الحقيقة، غير أنها مكذبة بشكل كبير للأرقام التي قدمها عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، ومحمد الصديقي، وزير الفلاحة، اللذين قدما أرقاما ميكروسكوبية على عكس الأرقام التي قدموا خلال الحملة الانتخابية وقد كانت فلكية.
ما الذي يضطر رئيس الحكومة ووزيره في الفلاحة إلى تقديم أرقام غير حقيقية؟ ما الذي يدفعهما إلى ذلك؟ أليست الحقيقة قريبة وسيكتشفها المغاربة في الأسواق لا في التليفزيون والإذاعة؟
الجميع يعرف أن ثمن الأضحية هذه السنة لن يكون مثل السنوات السابقة خصوصا وأن كثيرا من المواد المرتبطة بالدورة الاقتصادية للعيد ارتفعت، وعلى رأسها “علف” الماشية، الضروري لتسمين القطيع، تم المحروقات الضرورية لنقل رؤوس الماشية إلى الأسواق، وكان المغاربة والمهنيون والكسابة يطالبون أساسا بتخفيض ثمن المحروقات ودعم الأعلاف، بدل تقديم أرقام وهمية.
أما الأرقام الحقيقية فحتى لو كانت شبه طبيعية فهي فوق طاقة المواطن المغربي (في عمومه طبعا)، الذي اكتوى بنيران كثيرة حيث رافقتنا كورونا لأكثر من سنتين وبضعة أشهر تم جاءت الحرب الأوكرانية تم جاءت حكومة “تجار الدنيا” بديلا لحكومة “تجار الدين”، وسيطر “تجمع المصالح الكبرى” على الشأن العام، مما أثقل كاهل المغربي، الذي لم يخرج من آثار الأزمة بل أزمة تسلمه إلى أخرى، خصوصا إذا علمنا أن أغلب السكان النشطين في المغرب يشتغلون في القطاع الخاص وغير المهيكل منه على وجه الخصوص.
الكبش نشتريه من السوق لا من شاشة التلفزة، مثلما نشتري الخضر من السوق وليس من الوكالة الرسمية، التي تخصصت في تقديم أسعار المواد الاستهلاكية بالأسواق المغربية، وهي أرقام غير حقيقية، ومرة ذهبت سيدة لشراء أغراضها مصدقة أثمان النشرة فقال لها صاحب السلعة “أللا سيري شريها من التلفزة”.
الأسعار فوق الطاقة، والمواطن لم يعد لديه ما يواجه حقيقة السوق، وغاب التكافل الاجتماعي، الذي تم تسييسه بدوره، وفي غياب السياسة، التي هي شبيهة بمواسم التبوريدة، يغيب التكافل الاجتماعي.
في رمضان قبل الماضي اندلعت قصة “جود”، التي وزعت مئات الآلاف من القفف، وكانت تقف الشاحنات الطويلة في الشوارع لتوزيع الإعانات، وكنا حينها على أبواب الانتخابات، وكانت تمثل الوجه الآخر للتجمع الوطني للأحرار، وساهمت بشكل كبير في تغيير كفة الميزان الانتخابي، لكن اليوم ولأنه ليست هناك انتخابات على الأبواب فلم نر لها أثرا، رغم أن الحاجة إليها اليوم أكبر من الأمس، غير أن الحقيقة ينبغي أن نقولها هو أنه من توصل بقفة “جود” وصوت على أخنوش يتحمل المسؤولية فيما حصل ويحصل لنا اليوم، وإن كان ينبغي التركيز على استغلال الفقر أكثر كعامل يدفع البعض لبيع صوته، لكن أخنوش اليوم يتبرأ منهم حيث يقول لهم “وعدتكم فصوتم علي وأنا اليوم بريء منكم”.
“جود” كانت مرتبطة بالانتخابات، وبما أن الانتخابات بعيدة فإن “التقتير” هو الذي حل مكانها.