حمل حقوقيون بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر، الحكومة كامل المسؤولية فيما آلت إليه أوضاع المواطنين من تدهور اجتماعي واقتصادي وثقافي وبيئي، بتنصلها من محاربة الفساد وعدم تنفيذ وعودها الانتخابية، الشيء الذي أدى إلى تفاقم الفقر بالمغرب، حيث طالبت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان بمحاربة الفساد والريع وكافة أشكال استغلال النفوذ، وإقرار التعويض عن الفقر لفائدة الأسر الفقيرة والمعوزة.
و نقلت الرابطة أرقام المندوبية السامية للتخطيط التي تشير إلى أن حوالي 3.2 مليون شخص إضافي تعرضوا إلى الفقر أو الهشاشة، مع فقدان ما يقرب من سبع سنوات من التقدم المحرز في القضاء على الفقر، حيث عاد المغرب لمستويات سنة 2014، وفي الوقت الذي تتفاقم فيه المديونية الخارجية، سجلت الهيئة الحقوقية استمرار التهرب من فرض الضريبة على الثروة والرأسمال، واستفادة رجال الأعمال والأغنياء كثيرا من الإعفاءات الضريبة، مقابل إفقار واسع وغلاء أسعار مطرد، والزيادة في الضرائب على المواطنين وفتح الأسواق لنهب رجال الأعمال وبعض الشركات النافذة كشركات المحروقات وبتسهيلات ضريبية على أرباحهم كان من الممكن استخدامها فيما يعود بالنفع على المواطنين.
و نبهت الهيئة إلى تردي نوعية العمل الذي يغلب عليه القطاع غير المهيكل، وهزالة الأجور، وتردي أوضاع العمل وخطورتها، ناهيك عن تفشي الإسكان غير المأمون، وسجلت الرابطة الحقوقية استمرار وتعمق الانتهاكات المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نتيجة النظام الاقتصادي المنتهج من طرف الحكومة، وسوء تدبيرها لمرحلة إنهاء الحجر الصحي، وضخامة المديونية الخارجية، والنهب السافر للمال العام والثروات الوطنية مع استمرار السلطات في نهج سياسة الإفلات من العقاب بشأن الجرائم الاقتصادية، كما شددت الرابطة على ضرورة إقامة نموذج اقتصادي تنموي ذو مقاربة حقوقية، ويضمن التنمية المستديمة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لفائدة الجميع.
وكانت المندوبية السامية للتخطيط، كشفت أن مستوى معيشة الأسر تراجع سنويا بنسبة 2,2 في المائة بين سنتي 2019 و2021، تحت تأثير الأزمة الصحية المرتبطة بكوفيد-19. وأشارت المندوبية في المذكرة المذكورة إلى أنه “بين أكتوبر 2019 ودجنبر 2021، انخفض متوسط مستوى معيشة الأسر، المقاس بالنفقات الاستهلاكية الجارية للفرد، من 20.400 درهم إلى 20.040 درهم على المستوى الوطني، ومن 24.620 درهم إلى 24.260 درهم في الوسط الحضري، ومن 12.800 درهم إلى 12.420 درهم في الوسط القروي، وحسب القيمة الحقيقية، انخفض مستوى المعيشة بنسبة 2,2 في المائة سنويا خلال هذه الفترة على الصعيد الوطني، و2 في المائة في الوسط الحضري، و2,6 في المائة في الوسط القروي”.
و انخفض مستوى معيشة خمس الأسر الأقل يسرا من 7000 درهم إلى 6860 درهم، أي بمعدل انخفاض سنوي قدره 2,3 في المائة بالقيمة الحقيقية. وانخفض مستوى معيشة خمس الأسر الأكثر يسرا بنسبة 2,5 في المائة، من 47.780 درهم إلى 46.620 درهم. أما بالنسبة لـ 60 في المائة من الأسر الوسيطة، فقد انخفض مستوى معيشتهم من 15.730 درهم إلى 15.570 درهم، أي بمعدل انخفاض سنوي قدره 1,9 في المائة. و حسب الفئة السوسيو مهنية لأرباب الأسر، انخفض متوسط مستوى المعيشة سنويا، خلال الفترة 2019-2021، بنسب 3,6 في المائة لدى العمال غير المؤهلين، و3,6 في المائة لدى الحرفيين والعمال المؤهلين، و2,8 في المائة لدى التجار والوسطاء التجاريين، و2,4 في المائة لدى المستغلين والعمال الفلاحيين و1,8 في المائة لدى المسؤولين التسلسليين والأطر العليا.
و تعرض هذه المذكرة السمات البارزة للدراسة التي أجرتها المندوبية السامية للتخطيط حول تقييم التأثير قصير المدى لجائحة كوفيد-19 والصدمة التضخمية الحالية على وضعية الفوارق الاجتماعية.
ومن أجل رصد تطور وضعية الأسر في هذا السياق، تستند هذه الدراسة على بنيات النفقات حسب البحث الوطني حول الاستهلاك ونفقات الأسر 2013/2014 ومعطيات البحث الشهري للأثمان عند الاستهلاك والبحث الوطني حول مصادر الدخل 2019، بالإضافة إلى معطيات المرحلة الثالثة من البحث الوطني حول تداعيات جائحة كوفيد-19 على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر 2021/2022.
ويتم تحديد آثار كوفيد-19 على الفوارق الإجتماعية بناء على قياس تأثير التغيرات المرصودة في استهلاك الأسر، بين سنتي 2019 و 2021، على التوزيع الاجتماعي لمستوى المعيشة.
وتم توفير هذا التقييم من خلال معطيات المرحلة الثالثة من البحث الوطني حول تداعيات كوفيد-19. ويهدف هذا البحث، الذي شمل 12000 أسرة، خلال الفترة الممتدة من 11 أكتوبر 2021 إلى 10 فبراير 2022، إلى تقييم آثار جائحة كوفيد-19 على ظروف معيشة السكان.