شددت أحزاب اليسار على تفاقم موجة الغلاء التي تطال المواد الأساسية، ومست معيش المواطنين، وعصفت بما تبقى من قدرتهم الشرائية، ونبهت إلى الانعكاسات السلبية لآفة الجفاف على المعيش اليومي للشعب، وخاصة في البوادي المهمشة، و استفحال البطالة خاصة في صفوف الشباب، وتنامي الهشاشة.
وعبر أحزاب اليسار، عن رفضها الرمي بالمئات من العمال والعاملات إلى الشارع وإغلاق العشرات من الوحدات الإنتاجية بدون أية بادرة لإطلاق سياسة حقيقية للتشغيل وخلق مناصب الشغل المنتج، معتبرين، أن مشروع قانون المالية لسنة 2023 اعتمد توصيات صندوق النقد الدولي في التقشف وإغراق البلاد في المديونية، في حين أن سلسلة الحوارات التي أطلقتها الحكومة، ارتكزت على توزيع الوعود وتقديم بعض الزيادات الطفيفة لا تغطي حتى النزر القليل من الزيادات في الأسعار الفاحشة.
وأدانت الاحزاب، استمرار مسلسل إغلاق المؤسسات الصناعية، وتشريد جيوش من العمال،والطرد التعسفي الذي يتعرضون له، معبرين عن الرفض لما اسموه مهزلة الحوار الاجتماعي المغشوش والذي تسعى من ورائه الحكومة لتقديم سلسلة من مشاريع القوانين الرجعية والتراجعية، داعين المركزيات النقابية والنقابات القطاعية إلى توحيد جهودها ورص صفوفها من أجل إجهاض كل المخططات الطبقية الرجعية، وطالبت الاحزاب، بالتراجع عن كافة الزيادات في أثمان المواد الأساسية في معيشة الشعب وتطبيق السلم المتحرك للأجور.
وكان الآلاف خرجوا للاحتجاج في المسيرة الوطنية الاحتجاجية ضد غلاء الأسعار والقمع، الأحد، بمشاركة عدة هيئات سياسية ونقابية وحقوقية، للتنديد بموجة الغلاء، وتزايد القمع والقهر، ودعت المسيرة الاحتجاجية الجبهة الاجتماعية المغربية، التي انطلقت من ساحة باب الأحد بالرباط، حيث طالبت المسيرة بوقف الارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات والمواد الأساسية، وندد المشاركون في المسيرة الوطنية الأولى من نوعها منذ تفشي فيروس كورونا بالغلاء الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، أنهكت القدرة الشرائية للمواطنين، محملين المسؤولية للسياسات اللااجتماعية التي عمقت الفقر والهشاشة، في مقابل مواصلة اغتناء فئة تقتات على بؤس ملايين الأسر الفقيرة.
و جاءت الاحتجاجات بعد دعوة هيئات سياسية للمشاركة في المسيرة الوطنية التي تنظمها الجبهة الاجتماعية المغربية بالرباط، الأحد 04 دجنبر للاحتجاج على الأوضاع المزرية التي تعاني منها الشعب المغربي، بسبب غلاء الأسعار وضعف الأجور وتراجع الدخل.
وأكدت الهيئات، أن هذه الأوضاع ليست وليدة اليوم فمنذ عقود خلت، طبقت الدولة سياسات تقشفية ولجأت الى خوصصة عديد من القطاعات، وإلى تسليع الخدمات العمومية كالصحة والتعليم مسترشدة بوصفات المؤسسات المالية الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، الذي أدت إملاءاته إلى مزيد من إفقار السكان وإغراق البلد في الديون، وأشارت الجمعية أن الدين العمومي المغربي قد بلغ 96% من الناتج الداخلي الخام سنة 2020 و93% سنة 2021 وفق المعطيات الرسمية للدولة، مما يضطر البلد لتسديد فاتورة سنوية مرتفعة لتسديد خدمة الدين، تعادل حوالي عشر مرات ميزانية الصحة، أما الاتفاقيات التجارية المفروضة فقد أدت إلى تفكيك النسيج الاقتصادي وتعميق عجز الميزان التجاري الذي تتم تغذيته بالديون، ونتيجة لكل ذلك تحتد تبعية المغرب الصناعية والغذائية والطاقية.
واعتبرت “أطاك” أن السياسات العمومية أصبحت آلة جبارة لطحن من هم في أسفل السلم الاجتماعي، تطبقها الحكومات المتتالية بغض النظر عن الأحزاب المشكلة لهذه الحكومة أو تلك، لذلك فالأوضاع المزرية ليست إلا نتيجة لهذه السياسات.
وسجلت أن تراجع نوع العيش ومستوى الحياة يعودان بالأساس إلى خوصصة الخدمات العمومية وغلاء المحروقات والمواد الغذائية وانتشار البطالة، وجددت الجمعية مطالبها بإلغاء اتفاقية التبادل الحر لأنها ساهمت في تعميق عجز الميزان التجاري، إضافة لأنها آلية إضافية لتهريب ثروة البلد التي أنتجها عماله وصغار منتجيه، ودعت كافة المواطنين والمواطنات المتضررين من هذه الوضعية إلى المشاركة الواسعة في المسيرة الوطنية للجبهة الاجتماعية المغربية.
من جهة اخرى دعت الجبهة الاجتماعية المغربية إلى المشاركة المكثفة في المسيرة الوطنية احتجاجا على ما يعيشه الشعب المغربي من غلاء فاحش وقمع ممنهج وقهر اجتماعي شامل، وقالت الجبهة ” لقد طفح الكيل ووصل السيل الزبى”، ودعت إلى المشاركة القوية والمكثفة في هذه المسيرة الشعبية، وأوضحت الجبهة أن مطالب مسيرة الأحد، تتلخص في خفض أسعار المحروقات وتأميم شركة “لاسامير” للمساهمة في الأمن الطاقي للبلاد، وإرجاع الأموال المنهوبة التي التهمها لوبي المحروقات، إضافة إلى التراجع عن الإجراءات المجحفة الواردة في مشروع قانون المالية وسن إجراءات بديلة تخفف من وطأة الغلاء والفقر.
وتطالب المسيرة بخفض أسعار المواد الغذائية الأساسية وضمان الأمن الغذائي للبلاد، وخفض أسعار فواتير الماء والكهرباء، وضمان خدمات عمومية مجانية وجيدة للجميع خاصة في مجالي الصحة والتعليم، فضلا عن ضمان الحق في الشغل والتعويض عن البطالة.
و تنشد الجبهة حوارا اجتماعيا منتجا، يفضي إلى الاستجابة لمطالب مختلف شرائح الشغيلة المغربية وعلى رأسها زيادة محترمة في الأجور، مع وضع حد للعمل بالعقدة وإدماج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في الوظيفة العمومية، كما تطالب الجبهة الاجتماعية المكونة من عدة هيئات مغربية من مشارب مختلفة، بسحب كل المشاريع التراجعية المتعلقة بقانون الاضراب وقانون النقابات والتدابير التصفوية ذات الصلة بالتقاعد.