قلنا ونعيد إن الأغلبية الحكومية هي نفسها الأغلبية البرلمانية ولن يتحقق فصل السلط إلا بوجود معارضة قوية، وهي غير موجودة مع كامل الأسف، لهذا نرى هذا التداخل الكبير، وتبادل المواقع والأدوار بل حتى التلاقي التام فيها، وما تقوله الحكومة على استحياء تتولى الأغلبية الإفصاح عنه بقوة وجلبة. والمثير للغاية هو أن الحكومة تطل علينا برأس الأغلبية والأغلبية تتدثر بعباءة الحكومة.
أخنوش خرج مساء أول أمس كزعيم للأغلبية ليقول كلاما كان ينبغي أن تقوله لنا الحكومة وأساسا رئيسها. قال أخنوش بعد لقاء جمع أحزاب الأغلبية: ليست لدينا عصا سحرية لمعالجة المشاكل. ها هم المغاربة يكتشفون أن أخنوش وراءه كنز عظيم من المعرفة، حيث لم نكن نعرف أنه لا أحد يمتلك عصا سحرية أو خاتم سيدنا سليمان. هذه من البديهيات والمغاربة يقولون “والله ما قفلتي لا فورتي”. في كناية عن العمل والجد وأن النتائج لا يمكن تحقيقها بالنوم العميق وترك حابل الدنيا على غاربها.
لكن الحكومة التي لا تمتلك العصا السحرية تمتلك العديد من الأدوات التي وضعها الدستور رهن إشارتها، ومنها أدوات الإدارة والمؤسسات والبحث وأدوات الإحصاء والدراسة وغيرها، ووضع رهن إشارتها الكثير من الأمور التي بواسطتها يمكن البحث عن حلول للمشاكل المستعصية، ناهيك عن أن الحكومة تنبثق من الأغلبية البرلمانية وبالتالي هي ضامنة لمرور أي قانون يمكن أن تتقدم به في إطار الحلول التشريعية.
لكن حكومة عزيز أخنوش اختارت أمرا واحدا بعيدا عن كل ما من شأنه أن ينغص على “تجمع المصالح الكبرى” تحقيق المصالح ومراكمة النتائج وقد تضاعفت ثروة رئيس الحكومة نفسه، وهذا الأمر هو أسهل الطرق، أي تحميل الشعب المسؤولية عن كل شيء وهذا ما أفصح عنه مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي قال “من يتوفر على سيارة عليه أن يتحمل مسؤوليته”، ولا ندري ما هي المسؤولية؟ هل هي أن تركن السيارة في “البارك” وتستعمل وسائل النقل العمومي، التي يبدو أيضا أنها سوف تدخل عصر مقايسة الأثمنة؟ وهل المسؤولية هي أن تترك أولادك وعائلتك يتحملون أيضا مسؤوليتهم بأنفسهم في مقارعة وسائل النقل العمومي؟
شيء واحد لم يفصح عنه بايتاس هو أنه يركب سيارة يؤدي المواطنون ثمن بنزينها وثمن سائقها بل يؤدون ثمن أجرته الشهرية المنتفخة مقابل التفكير في حلول للمغاربة لا تركهم مع أنفسهم يبحثون عن حلول قد تتحول، لا قدر الله، إلى طريقة ليأكل الناس بعضهم بعضا. لأن الأزمة تعدت اليوم الفئات الفقيرة إلى الفئات التي كانت مكتفية، والتي أصيبت بدورها بالخصاص.
إذا كانت الحكومة لا تملك حلولا سحرية لماذا رفع حزب الأغلبية شعارات فلكية حول ما يمكن أن يقدم للمغاربة “تستاهلو أحسن”، الشعار الذي تحول إلى نقيضه.