هلّ شهر رمضان الكريم ومعه أنوار الرحمة الإلهية، ويستعد له المغاربة بكامل البهجة والسرور، وحتى الزيادة في الإنفاق في هذا الشهر لا يعتبرها المغربي إسرافا ولكن إنفاقا على الأسرة، الذي يعتبر أيضا قربة إلى الله، كما يحمل معه كل معاني التضامن والأخوة.
أمضينا ثلاثة رمضانات، إن جاز الجمع، تحت وقع الأزمة التي خلقتها جائحة كورونا، ورغم الظروف الصعبة تحمل المغاربة هذا الوضع، لكن هذه السنة نستقبل شهرا متعبا، لأن المغاربة مضطرون إما لتغيير عاداتهم، وهذا غير ممكن، أو تقبل نار الأسعار التي لم يعد لها معنى.
مرة أخرى نسمع كلاما تتخلى عنه الحكومة بسرعة.
قبل الانتخابات التشريعية أطلق عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار الذي سيصبح رئيسا للحكومة، وعودا فلكية، من سمعها يقول مع نفسه هذه هي الحكومة التي ستنقذ المغرب من أخطاء حكومة العدالة والتنمية، التي كان فيها هو أيضا وزيرا يقود وزارة من أغنى الوزارات وكان مطلق الأيدي وله تفويض بالتوقيع في صندوق تنمية العالم القروي، الذي كانت ميزانيته 52 مليار درهم.
فاز الحزب بالرتبة الأولى وجمع معه الأحزاب التي فازت بالرتبتين الثانية والثالثة وترك الاتحاد الاشتراكي في قاعة الانتظار عبر البيان “التاريخي”، الذي قال فيه إن موقعه أن يكون في الحكومة في سابقة غريبة، وبلغة لعبة الأوراق “دار ميسة” وترك بضعة أحزاب في المعارضة، لكن هذه الأغلبية العددية لم يستعملها في إصلاح الأوضاع ولكن استعملها في منح “تجمع المصالح الكبرى” امتيازات كبيرة ظهرت في قانون المالية من خلال الهدايا الضريبية في وقت يشتد الخناق على المواطن المغربي.
نتفهم ألا يطبق حزب وعوده لأنه لم يفز بأغلبية مطلقة وإنما اضطر للتحالف. وهنا على الأقل ينبغي الالتزام بما جاء في التصريح الحكومي، الذي حمل أيضا وعودا كثيرة وكبيرة، تم التخلي عنها بعد التصويت بتنصيب الحكومة، وبعدها جاءت مجموعة من الإجراءات التي استهدفت كل ما هو اجتماعي.
لكن الأدهى والأمر أن تقوم الحكومة في شخص رئيسها ووزيرته في المالية ووزيره في الفلاحة بتقديم وعد بانخفاض الأسعار خلال شهر رمضان، لكن مع مقربة من الشهر الفضيل التهبت الأسعار من جديد.
أي حكومة هذه لا تلتزم بوعودها؟ هذه الحكومة ستغضب حتى مكونات تحالفها؟ ألم يكن خروج النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين وعضو اللجنة التنفيذية ولحزب الاستقلال ورئيس الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، مثيرا للدهشة لأن وصوله إلى رئاسة المجلس كانت في إطار التحالف وتقسيم المسؤوليات؟ أليس هذا نذير تفتت التحالف؟
إذا كان واحد من تحالف الحكومة غير راض عن قرارات الحكومة فما بالك بالمواطن الذي ليست له وسيلة للتعبير سوى الغضب الذي أصبح يخرج اليوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي للحديث عن القهر الاجتماعي والعذاب الذي تمارسه عليه الحكومة.