باستثناء “تريتورات النضال”، فقد ارتفعت أصوات النشطاء بنبرة واحدة لتقول إن المدونة سعيدة العلمي مذنبة، وأن الحكم الصادر في حقها مساء اليوم هو عين العقل وأقل ما كان ينتظره الجميع، لأن التطاول على الناس ليس من باب الحق في التعبير عن الرأي وليس من باب حقوق الإنسان، كما اعترف بها المغرب وصادق على كل الاتفاقيات المتعلقة بها، وكثير من النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي يمارسون النقد لكن لم يتم الاقتراب منهم أو الاستماع إليهم.
لماذا لم تتم متابعة كثير من نشطاء الفيسبوك وغير الفيسبوك، الذين ينتقدون يوميا الحكومة ومؤسسات الدولة، لكن في إطار الاحترام التام للقانون ووفق ما تنص عليه القوانين المرعية، التي توافق عليها المغاربة، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار ما قامت به الناشطة المذكورة تعبيرا عن حرية الرأي.
الناشطة، التي تم الحكم عليها بسنتين سجنا، لم تمارس أي شكل من أشكال التعبير ولكن قامت بسب وشتم عناصر ورجال مؤسسات عمومية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي أي مارست السب والقذف بشكل علني مما حتم متابعتها وفق فصول القانون.
فمن حق أي مواطن أن ينتقد الحكم والحكومة وهذا حق من حقوق الإنسان المحصنة دستوريا لكن السب والقذف ليس حرية للتعبير، ولا يمكن ان يكون القانون مثل بيت العنكبوت يعاقب المواطن البسيط ويخرقه المواطن صاحب السلطة او الحمية أو صاحب الشهرة والنفوذ الواقعي أو الافتراضي.
فالواقع يوحي بأن هناك نوعا من الفهم الأخرق لحرية التعبير، التي تتنافى بتاتا مع حق وحماية خصوصيات الآخرين، فلا علاقة بين الحق في النقد وبين سب مواطنين يتولون مسؤوليات في مؤسسات عمومية، أو حتى مجرد عناصر بسيطة في هذه الأجهزة، والمحكومة مساء اليوم مارست بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي السب والقذف في حق مؤسسات رسمية بل في حق عناصرها.
الإجماع بصوت واحد حول عدالة إدانة سعيدة العلمي يوحي بأن هناك توجها داخل المجتمع للتمييز بين الممارسات النقدية القانونية وبين الممارسات المشينة التي يقوم بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي “غير جيبها يافم وقول”، ومن يعود إلى التدوينات التي توبعت من أجلها سعيدة العلمي سيسمع كلاما يستحيل أن يقوله أمام والديه وعائلته لأنها عبارات مشينة وبذيئة في حق أشخاص جريرتهم الوحيدة أنهم يرتدون لباسا رسميا من أجل الدفاع عن أمن البلاد.