قدمت رئيسة الحكومة البريطانية ليز تراس استقالتها، وتعتبر اليوم رئيسة حكومة تصريف أعمال، كما قدمت استقالتها من رسائة حزب المحافظين، تاركة المجال لشخص آخر ليقود المرحلة، وذلك بسبب عدم قدرتها على تدبير الشأن العام، والغريب أنها حاولت أولا إقناع حزبها بجدوى الإصلاحات المالية التي أقدمت عليها، ولم تتمكن من ذلك، لأن حزب المحافظين ليس حزب التصفيق وحزب التصويت، ولكنه حزب يمارس ديمقراطية تعبر عن مصالح فئات متعددة، ليس مثل الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي في المغرب.
ليز تراس لم يمض على تعيينها رئيسة للحكومة سوى فترة قصيرة جدا، لكن الزمن مهم عند هؤلاء، بينما طلبت منا حكومتنا “الموقرة” والأكثر “جرأة” على ما هو اجتماعي أن نعطيها سنة كي “تسخن” مكانها، وبالمثل المغربي الدارج والبليغ “لا زربة على صلاح أو إصلاح”، بينما عند البريطانيين لا مجال لضياع الوقت، فعندما أحست بأنها غير قادرة على إنجاز عملها قدمت استقالتها.
وقبلها قدم وزير المالية استقالته أيضا ووزراء آخرون، والسبب متقارب أيضا، الا وهو عدم القدرة على تنفيذ البرنامج أو الإصلاحات، وتضرر الفئات الشعبية من برنامج الحكومة، وبالتالي يفسحون المجال لمن هو أقدر على ممارسة هذه المهمة.
في المغرب رئيس الحكومة يضرب بالدستور عرض الحائط، وإحدى تجليات ذلك عدم حضوره الجلسة الشهرية لمساءلة السياسات العامة للحكومة بالبرلمان، وفي ذلك انتهاك للدستور ونصوصه الواضحة التي لا تقبل التأويل.
وزير العدل عبد الليف وهبي قال لمندوب جهوي لوزارة أخرى “أنا كنعرف لون تقاشرك”، ونحن نعرف أنها مبالغة من الوزير كي يظهر بأنه قوي، لأننا نعرف أنه لا يعرف ما يجري في مكتبه وفي مقرات حزبه فبالأحرى أن يعرف ما لون جوارب المندوب المذكور. وكانت غلطة كبيرة لأنها تحاول أن توحي بأن المغرب عاد إلى الوزراء أو غلى ما كان يسمى سنوات الرصاص، وهي المرحلة التي طوتها “الإنصاف والمصالحة”. وحاول أن يصور أن كل مصالح الاستخبارات المغربية موضوعة رهن إشارة وزير العدل، الذي أصبح مع القوانين الجديدة واستقلالية النيابة العامة مجرد مؤسسة للتدبير الإداري أو كما نقول “يشري جافيل ويبني المحاكم” ونقطة إلى السطر.
وزير الثقافة والشباب والتواصل، الذي لا تربطه صلة بثلاث قطاعات مهمة، وهي قطاعات ذات بعد تربوي توجيهي، بل تورط في الترويج للانحطاط والحرب على قيم المغاربة، واستدعى فنانا عبر عن الانحدار الكبير، حيث خاطب الجمهور بكلام نابي، وفي الندوة الصحفية هدد صحفيا بالقتل، كما مارس الإشادة بتعاطي المخدرات جهرا، وبدل الاستجابة لمطالب الشعب والاعتذار تمت استضافته في الدارالبيضاء في مهرجان تسببت سهرته في كوارث اجتماعية ومن الدارالبيضاء تم نقله إلى أكادير وهكذا دواليك، لكن لم نسمع عن وزير أنه ينوي فقط الاستقالة أو حتى يعتذر للشعب.
فرق كبير بين الشجاعة و”الجرأة” على كل ما هو اجتماعي.