تبين أن المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية لسنة 2023 لا تتضمن أية إشارة للمخزون الاستراتيجي لدى المغرب، بما يعني أن البلاد سوف تسير دون خطة عمل، لأن ما سيتم إنجازه لن يكون مبنيا على قراءة للواقع، وهنا التساؤل الجوهري: كيف تبني خطة مستقبلية دون أن تتوفر على معطيات الحاضر؟ وكيف تستشرف الآتي إن كنت تجهل ما بيدك الآن؟
في أحد الخطابات الملكية ركز جلالة الملك محمد السادس على ضرورة تأمين المخزون الاستراتيجي في كل القطاعات، وخصوصا قطاع المحروقات والغذاء والدواء، ووقف جلالته بنفسه على تأمين المخزون المغربي من قضايا المغرب الإستراتيجية خلال جائحة كورونا، وقد تم تأمين كافة طلبيات المغرب من الأدوية المتعلقة بفيروس كورونا، وكنا البلد الذي حاز قصب السبق في الحصول على التلقيح بفضل التدخل الملكي المباشر، حيث كان له اتصال بالرئيس الصيني تم عقبه توقيع اتفاقيات بهذا الشأن وصولا إلى توطين تصنيع اللقاحات بالمغرب.
الحكومة اليوم من خلال مذكرة رئيسها التأطيرية تخالف التوجهات الملكية وتوجيهاته بضرورة توفير المخزون الاستراتيجي وذلك بغياب التفكير في هذه القضية، والأدهى والأمر أنها ليس فقط لا تفكر في تأمين المخزون الاستراتيجي بل إنها لا تعرف واقع هذا المخزون كي تبني عليه المستقبل المنظور ناهيك عن المستقبل البعيد، وهل بهذه الحكومة يمكن أن نحقق أهداف النموذج التنموي؟
حكومة تخالف التوجيهات الملكية وتخالف الدستور، الذي جعل من مهامها وضع الاستراتيجيات التي ينبغي أن تسير عليها البلاد، وبالتالي تكون قد فقدت شرعية الوجود، لأن أصوات الناخبين ليست شيكا على بياض ولكنه تعاقد دستوري أولا، إذ لا يمكن أن تكتم أنفاس المواطنين بالجرأة على كل ما هو اجتماعي فقط لأنك حصلت على الربتة الأولى في الانتخابات، التي لا تخولك قهر المواطن بالزيادات في الأسعار بتبرير ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي، وهو مبرر يعرفه الجميع، لكن الحكومة دورها البحث عن الحلول والمخارج من المآزق.
الآن ستشرع الوزارات في إعداد مشروع قانون المالية المقبل، وهي تجهل ما يوجد تحت أيديها، فمرة تقول وزيرة الانتقال الطاقي إن المخزون الاستراتيجي لا يتجاوز 25 يوم ومرة تقول 40 وكل يوم هم وهن في حال، وما سيتم القيام به هو البحث عن أرقام لتسيير وتدبير الوزارات والإدارات التابعة لها، لكن الأزمات التي تعيشها البلاد لا يوجد من يفكر فيها ضمن هذه الحكومة.
المغرب اليوم يعيش وضعا صعبا، هناك احتقان اجتماعي ناتج عن ارتفاع مهول في أسعار المحروقات، التي يعتبر عزيز أخنوش رئيس الحكومة من أبرز المتاجرين فيه، وارتفاع مهول في كافة المواد الاستهلاكية، وفي غياب تام للحكومة، مما يقتضي قانونا للمالية ينسجم مع الوضع الراهن، أما المذكرة التقديمية الحالية فهي مجرد إنشاء ووعود من المتوقع ألا يتم تنفيذها كما هو عهدنا بهذه الحكومة.