شدد أحمد التوفيق الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس العلماء الأفارقة، على أن علماء إفريقيا منخرطون في التعاون بينهم وبين إخوانهم من علماء المملكة المغربية على البر والتقوى في ما ينفع أهل البلدان الإفريقية، و تبليغ أحكام الدين الحنيف ومكارمه وقيمه، في ما يدفع عن البلدان الفتن، وعلى رأسها فتنة الدين المتمثلة في الغلو والتطرف، موضحا أن منطلق المؤسسة في العمل ما هو مشترك بيننا من الثوابت ولاسيما في العقيدة والسلوك.
و داعا التوفيق،خلال انعقاد الدورة العادية الثالثة لمؤسسة محمد السادس العلماء الأفارقة، صباح اليوم بفاس، الى الاشتغال على بينة من وضوح الأهداف وتزايد اليقين بضرورة قيام المؤسسة والحاجة إليها والانتظارات التي خلقها قيامها وما يمكن أن تحققه بعزمها وإرادتها أكثر من وسائلها، مؤكدا أن رصيد المؤسسة هو القيمة البشرية والروحية لأعضائها، بما يبلغونه ويحملونه للناس من الكلمة الطيبة والتعاون مع الفضلاء في جميع الخيرات، وشدد على العزمعلى المرور في الإنجاز إلى ما بعد مرحلة التأسيس، وذلك بعمليات على صعيد المؤسسة عامة، منها ما هو مسجل في جدول أعمال الدورة، ومنها ما هو خاص بكل بلد، حسب ما يتفق عليه مجلس رؤساء الفروع وأعضائها،مع مراعاة تفاوت الوضع في البلدان، حيث ينبغي أن يكون الالتزام بالأهداف عاما والتمسك بخصوصيات كل بلد من البلدان، ولاسيما في ما يتعلق باحترام المؤسسات المحلية والقواعد الجارية.
و كشف التوفيق، أن الحماس للمؤسسة في البلدان الافريقية، هو كسب أساسي و كسب واعد بما سيتحقق على أساسه من العمل القاصد والتعاون النافذ، وتتوقف إدامة مثل هذا الاستعداد على النموذجية الأخلاقية للمنتمين للمؤسسة وعلى حسن التواصل وإعطاء البراهين العملية على الصدق من جهة والمصداقية من جهة أخرى، إلى غير ذلك من الشروط والسمات التي ينبغي أن تلازم المؤسسة في كل مراحلها.
وأوضح ان الترحيب بالمؤسسة من مختلف الجهات رسمية ومجتمعية، أمر منطقي إذا زالت الريب والشكوك، وتتوقف إزالتها على الإقناع بالقول والفعل والسلوك، وما يعني الجهات الرسمية بهذا الصدد يعني الطوائف المختلفة وأتباع الديانات والمعتقدات والثقافات المختلفة.
و دعا التوفيق الى ضرورة التزام نهج مندمج في العمل، بمعنى أن يكون أعضاء المؤسسة جسدا واحدا، يتعاملون أفقيا بين الفروع إلى جانب التعامل العمودي مع المركز بالمغرب، فالتعامل العمودي له ضرورته في أمور التدبير والتنسيق على الخصوص، والذي ينبغي أن يسود هو الاقتناع بأن كل واحد من العلماء في بلده قد صار قويا بإخوانه الأعضاء في البلدان الأخرى، يفيدهم ويستفيد منهم في العلم والمشورة، فالمؤسسة هي لكل العلماء والبلدان ولكنها مدعوة إلى الانصهار في بوتقة نظر وعمل واحدة، و ضرورة تحقيق درجة عالية من التواصل المستمر باستخدام التكنولوجيا، وهذا أمر سيتم تدبيره قريبا من جهة الوسائل التقنية، ويعد فتح موقع المؤسسة على شبكة التواصل باكورته الأولى، وينبغي أن يكون إنتاج المضامين وتحريرها أمرا يشاركه فيه الجميع، ولاشك أنكم تعلمون أن الوسائل المتاحة يمكن أن تتيح وثيرة للتواصل التدبيري والعلمي والتشاوري في كل الأوقات.
و توصى التوفيق، باليقظة التامة والنموذجية التي يحتاج إليها الناس في العلماء، فالمسلمون في كل مكان في هذا العصر أكثر من ذي قبل بحاجة إلى علماء أوفياء لأهلهم ولبلدانهم، احتياجهم إلى السلم والطمأنينة والتخفيف من تبعات الحياة، والى النهل من الاطلاع على الوثائق المتعلقة بالجوانب العميقة والمؤسسات المتعددة التي يقوم عليها النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني، لعلها أن تفيد في بعض الجانب الحيوية القابلة للاستيحاء بالنسبة لبلدان أخرى، ولكن هذا اطلاع لا يعفي من شيئ ألتمس من جمعكم التفكير في إنجازه، ألا وهو وضع وثيقة مذهبية تعريفية وتوجيهية لعمل المؤسسة على الصعيد الإفريقي، تشخص الأحوال وتشرح المقاصد ومنهج العمل، ويمكن الاستئناس في وضعها بالكتاب الذي وضعه بعض علماء المغرب ونشره المجلس العلمي الأعلى بعنوان ” سبيل العلماء”.
و عقد المجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة دورته العادية الثالثة، بفاس امس الثلاثاء وتمتد أشغاله الى اليوم الأربعاء، حيث يحضر اجتماع هذه الدورة أعضاء المجلس الأعلى للمؤسسة، وعددهم حوالي 357 من العلماء من 32 بلدا إفريقيا يمثلون فروع المؤسسة، من بينهم 90 امرأة، كما سيحضره من الأعضاء المغاربة 20 من بينهم 4 نساء.
ويتجه العلماء الى دراسة مشروع البرنامج السنوي للمؤسسة برسم سنة 2020 والمصادقة عليه، حيث قدم أحمد التوفيق الرئيس المنتدب للمؤسسة ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، النقاط الكبرى في المشروع، كما تطرقت كلمة علماء المملكة المغربية، التي قدمها الدكتور محمد يسف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى بالرباط.
وتحدث الشيخ أبو بكر الزبير مبوانا مفتي جمهورية تنزانيا ورئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بتنزانيا،عن أهمية المؤسسة في الدفاع عن الدين الاسلامي وسط تزايد خطابات الغلو والتطرف، وتوحيد الأمة ونشر قيم التسامح والأخوة.