محطة تستحضر القيادة الملكية الرشيدة لأوراش السيادة الصحية و الطاقية و الغذائية
يحتفل الشعب المغربي، بفخر واعتزاز بالذكرى الثامنة والستين لعيد الاستقلال المجيد، في ظل استمرار نهج الاستقلال من التبعية الدولية و ترسيخ مفاهيم السيادة الوطنية، عبر تقوية السيادة الطاقية عبر دعم قدرات المغرب في مجال الطاقات المتجددة و ترسيخ السيادة الصحية من خلال دعم و تطوير الصناعات الدوائية، و السيادة الاجتماعية بدعم التغطية الاجتماعية و السيادة الغداىية بدعم الفلاحة و الزراعات التي تحقق الاكتفاء الذاتي من الغداء.
ويرتبط عيد الاستقلال بانتصار إرادة العرش والشعب، حيث يعبر هذا الاحتفال عن تلاحم قوي بين العرش والشعب في الدفاع عن وحدة الوطن وسيادته وقيمه الدينية.
وتُعد هذه الذكرى (18 نونبر) من اللحظات التاريخية البارزة التي كتبت مسار المملكة، وتعد من بين أهم الإنجازات الوطنية القائمة في قلوب المغاربة. إنها لحظة تدعو إلى التأمل والتفكير في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية، في إطار نضال شامل يجمع بين العرش والشعب، ويعزز الالتزام القوي بينهما لتحقيق التقدم والازدهار في جميع الميادين ولرفع مكانة المملكة في عيون دول العالم.
وقد شارك أبناء الشعب المغربي في العديد من المعارك البطولية والانتفاضات الشعبية عبر جميع أنحاء المملكة لمواجهة التسلط الأجنبي والوجود الاستعماري.
و تضمنت هذه المعارك مواقع مهمة مثل الهري وأنوال وبوغافر وجبل بادو وسيدي بوعثمان وانتفاضة قبائل آيت باعمران والمناطق الجنوبية، حيث قدّم المقاومون دروساً مذهلة في الصمود والتضحية أمام القوات الاستعمارية.
ومن أبرز المحطات التاريخية التي طبعت مسار الكفاح الوطني الزيارة التاريخية التي قام بها بطل التحرير المغفور له السلطان محمد الخامس إلى طنجة يوم 9 أبريل 1947، تأكيدا على تشبث المغرب، ملكا وشعبا، بحرية الوطن ووحدته الترابية وتمسكه بمقوماته وهويته.
وبعد تلك الزيارة الحبلى بقيم التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار، اشتد تكالب سلطات الحماية، لاسيما أن الملك الراحل المغفور له محمد الخامس لم يخضع لضغوطها، فكانت مواقفه الرافضة لكل مساومة سببا في شروع المستعمر في تدبير مؤامرة النفي.
وتعكس ذكرى كفاح الشعب توحده وتضامنه وراء ملكه، حيث انطلقت شرارة ثورة الملك والشعب في 20 غشت 1953.
إن الاحتفال بهذه اللحظة يُعد مناسبة للأجيال الصاعدة لفهم حجم التضحيات التي قدمها أجدادهم لتحرير المغرب من قيود الاستعمار واستعادة استقلاله.
وتحققت الإرادة القوية للأمة بالتناغم مع العرش للدفاع عن القيم الوطنية المقدسة، مقاومةً لمخططات المستعمر الذي لم يدرك أن نفي رمز الأمة، المغفور له محمد الخامس وأسرته الشريفة، لم يقم سوى بتحفيز وطنية المغاربة وتسريع نهاية عهد الحجر والحماية.
ولم يهدأ بال المغاربة في جميع أنحاء المملكة إلا بعودة الملك محمد الخامس في 16 نونبر 1955، حاملاً معه راية الحرية والاستقلال، ومعلنًا عن الانتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، من أجل بناء مستقبل مغرب الاستقلال.
وفي الـ18 من نونبر، أعلن الملك محمد الخامس، وإلى جانبه رفيقه في الكفاح الملك الحسن الثاني، “انتهاء ربقة الاحتلال وبزوغ عهد الحرية والاستقلال”.
وبعد تحقيق الاستقلال، دخلت المملكة المغربية في حقبة جديدة، تمثلت في المقولة الشهيرة للملك محمد الخامس: “لقد خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”، حيث انخرطت المملكة في العديد من الإصلاحات التي همت كل القطاعات الحيوية من أجل بناء المغرب الجديد ومواصلة ملحمة تحقيق الوحدة الترابية.
وسيرا على نهج والده المنعم، خاض الملك الحسن الثاني معركة استكمال الوحدة الترابية، فتم في عهده استرجاع مدينة سيدي إفني في 30 يونيو 1969، كما تحقق استرجاع الأقاليم الجنوبية بفضل المسيرة الخضراء التي انطلقت يوم 6 نونبر 1975. وفضلا عن ذلك حرص الملك الراحل المغفور له الحسن الثاني على بناء دولة القانون والمؤسسات الحديثة، وإرساء نظام سياسي وديموقراطي يُحتذى به.
وترسيخا لمسيرة البناء، التي نهجها المغفور له السلطان محمد الخامس ومن بعده المغفور له الملك الحسن الثاني، يشهد المغرب تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس العديد من الأوراش التنموية العملاقة والإصلاحات الكبرى التي تهم مختلف المجالات، لاسيما من خلال إطلاق النموذج التنموي الجديد، وورش تعميم الحماية الاجتماعية، مما يعكس العناية التي يوليها الملك محمد السادس للعنصر البشري، وذلك منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين.
ومن المؤكد أن الاحتفال بعيد الاستقلال يمثل لحظة للقيام بوقفة تأملية تستحضر تاريخ المغرب الغني بالأمجاد وبالمحطات المشرقة من أجل الذود عن مقدسات البلاد، ومناسبة لاستلهام ما تزخر به هذه الذكرى من قيم سامية وغايات نبيلة، لإذكاء التعبئة الشاملة، وزرع روح المواطنة، وتحصين المكاسب الديمقراطية، ومواصلة مسيرة الجهاد الأكبر، وتثبيت وصيانة الوحدة الترابية للمغرب، وربط الماضي التليد بالحاضر المجيد والمستقبل الواعد.