ما الذي يسعى إليه أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين (التابع للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين) من فتواه حول “حلية قروض مشاريع التمويل التي أطلقها جلالة الملك؟” لماذا أصدر الفتوى وهو يعلم أن هناك دارًا للفتوى بالمجلس العلمي الأعلى؟ ومن استفتاه حتى يفتي؟ وهل هو مؤهل للفتوى؟
تواضع المغاربة على نظام إمارة المؤمنين باعتباره المسلك الشرعي لإدارة الفتوى، ولهذا يعتبر جلالة الملك محمد السادس هو رئيس المجلس العلمي الأعلى، وبالتالي الفتاوى تصدر باسمه، والفتاوى ليست موضوعة على قارعة الطريق، ولكن لا تصدر إلا عندما تكون هناك نوازل.
وعرف المغاربة اجتهادات كبيرة في فقه النوازل، والفتوى مختلفة عن الدعوة، التي تعتمد ما هو مشهور من الدين، وأساسا ما يتعلق بالأخلاق أو الأحكام الفقهية الثابتة، بينما القضايا المستجدة تحتاج إلى فتوى علمية، ومن جهل الريسوني بقضايا الاجتهاد استسهاله للفتوى، واعتباره إياها مجرد لعبة، وبعد افتراق السلفية والإخوان المسلمين في منعطف سياسي لا علاقة له بالفقه والدين، أصبح يلعب على وتر المقاصد، وهي لديه مجرد معاكسة للنوازل الفقهية لدى السلفيين، ولا نعثر فيها على اجتهاد.
ما معنى إصدار فتوى في أمر أنت لست مستفتى فيه؟ ومن أرسل لك السؤال حتى تجيب عنه؟ وحتى في مواقع التواصل الاجتماعي لم يثر الأمر أي إشكال ولا جدال. فما الذي دعا الريسوني إلى فتوى ناقصة المبنى والمعنى؟
لنفترض أن ما قاله الريسوني هو فتوى. نسأله بكامل الجدية عن عناصر الدراسة الفقهية لهذا المستجد؟ ما هي مبانيه الفقهية التي اعتمد عليها؟ إذ كان بالإمكان أن يقول إنها حرام بعنوان الربا. كيف تمكن الريسوني من نزع هذا العنوان عن هذه المعاملة فقط، وأباح التعامل به وهو الذي حرم التسوق من أحد الأسواق لأنها تبيع الخمور؟
بعدما ورث أحمد الريسوني الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، الذي كان يترأسه الشيخ يوسف القرضاوي مفتي القتل والتكفير، أصبح يشعر بأنه شخصية فقهية مهمة، رغم أن الاتحاد أصبح اليوم مجرد جمعية تضم قيادات من الإخوان المسلمين أغلبهم من أساتذة شعب الدراسات الإسلامية. هذا الإحساس أعطى للريسوني، تضخما لا توازيه قوة في العلم والمعرفة، وبالتالي أراد أن يقول إنني هنا، ولا يمكن أن تمر أمور من هذا النوع دون أن أسجل حضوري، في بلد أمير المؤمنين هو رئيس الفتوى الشرعية.
ثاني الرسائل التي تختفي وراء هذه الفتوى هو حث أبناء التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية على الانخراط في المشاريع، المزمع تمويلها من قبل الأبناك بفوائد متدنية، ناسيا أن هؤلاء هم مغاربة يخضعون للقانون المغربي باعتبارهم مواطنين مغاربة والقانون لا يحارب إلا من خالفه وخرقه. لكن رسالة الريسوني تتعلق بالتمكين.
في النهاية يبقى الأمر الأشد أهمية، حتى لو كنا في حاجة إلى فتوى شرعية فهل الريسوني مؤهل لذلك؟ من أين اكتسب الأهلية للفتوى؟ هل يعتقد أنها سيبة؟