فجرت تعيينات رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين في هيئة ضبط الكهرباء، “فضيحة” مدوية وسط المشهد السياسي في المغرب، وشنت هيئات سياسية هجوما لاذعا ضد المتورطين في طريقة التعيين بالوكالة العمومية الجديدة و التنبيه من سياسات تقاسم “الكعكة الحزبية”، حيث أصدر حزب التقدم والاشتراكية بيانا حول ما اعتبره “فضيحة حقيقية” بطلاها رئيسا مجلسي البرلمان ، حين أقدما على اقتراح تعيين أشخاص لعضوية الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، بدون سابق تنسيق ولا تشاور مع الهيئات السياسية ولا الفرق البرلمانية ولا حتى مكتبي المجلسين.. وفيما يلي نص البيان:
وشدد حزب بنعبد الله، “على أنه سجل ” فضيحة حقيقية” بإقدام رئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين على اقتراح تعيين ثلاثة أشخاص، من طرف كل واحد منهما، من أجل عضوية هيئة عمومية، هي الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، مؤكدين ” على أن هذه الخطوة تمت من دون أي استشارة، لا للأحزاب السياسية، ولا لمكتبي مجلسي البرلمان، ولا لرؤساء الفرق البرلمانية، معتبرين ” أن هذا السلوك يشكل إساءة صارخة وخرقا سافرا للأخلاق السياسية وللممارسات المؤسساتية السليمة وللمساطر المعمول بها.
واعلن حزب التقدم والاشتراكية، شجبه واستنكاره المطلق لهذا الأمر الذي تم تدبيره بمنطق “لوزيعة”، وبشكل ينم عن نظرة حزبية ضيقة، أو ولاء شخصي، وعن سقوط مدوِّ في المحسوبية والزبونية.
و دعا المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، أعضاء حزبه الذين عينهم رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين حكيم بنشماش في الهيئة الوطنية للكهرباء، إلى تقديم استقالتهم من هيئة الكهرباء، خلال أجل أسبوع، ” تحت طائلة اتخاذ جميع القرارات الممكنة في هذا الموضوع، الذي تم بشكل يتنافى مع قيم ومبادئ وقواعد عمل الحزب وصورته السياسية الحداثية والأخلاقية”.
وعبر الحزب عن رفضه، لاستمرار ما وصفه بـ” المس بمضمون الدستور وكل القوانين والأنظمة الداخلية للمجلسين التي تلزم رئاسة مجلسي البرلمان بضرورة احترام مبادئ المساواة والتعددية السياسية والديمقراطية التشاركية والتمثيل النسبي والتناوب والتنوع والتخصص في قرارات التعيين بالمؤسسات الدستورية والعمومية”
وتبرأ الحزب، من مضمون التعيينات التي تمت بمجلسي البرلمان، موضحا ” لا علم لنا بها، ولم تطرح للنقاش و التشاور بين قيادات الأحزاب السياسية”، واستنكر في بلاغه، مضمون هذه القرارات التي “تضرب في العمق ما تبقى من صورة المؤسسة البرلمانية، وتمس بمصداقية ونزاهة وشفافية تدبير شؤون المؤسسة التشريعية، ونبل رسالة البرلماني، ومن تم تقوض كل الجهود المبذولة لتحسين صورة ومكانة البرلمان وسط الرأي العام”.
من جهتها هاجمت فرق المعارضة بمجلس النواب التعيينات الحزبية في الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، وقالت الفرق في بيان لها ” تلقينا باستغراب وأسف كبيرين، مضامين القرارات الصادرة بالجريدة الرسمية للمملكة عدد 6907 بتاريخ 20 ذو الحجة 1441 (10 اغسطس 2020) ، والتي تم بموجبها تعيين ثلاثة أعضاء بمجلس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، وهي القرارات التي تضرب في العمق روح ومنطوق مقضيات النظام الداخلي لمجلس النواب وخاصة المادة 247 منه، والتي تشدد على أن تسهر رئاسة المجلس في التعيينات الشخصية الموكولة للرئيس قانونا في المؤسسات الدستورية وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، على مراعاة مبادئ التمثيلية والتناوب والتنوع والتخصص والتعددية.
واعتبرت أن هذه الواقعة غير الفريدة، شكلت مخالفة صريحة للمبادئ العامة المنصوص عليها في الباب الأول من الجزء الثاني من النظام الداخلي للمجلس، والتي تنص خاصة على أن تحكم مختلف أعمال وقرارات المجلس العمل على تفعيل أحكام الفصل 76 من الدستور المتعلقة بإقرار المساواة والسعي نحو تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء، ومكافحة مختلف أشكال التمييز؛ وضمان حق تمثيلية ملائمة للمعارضة في أنشطة وأجهزة المجلس، والمشاركة الفعلية.
و رفض مكتب مجلس النواب، المكون من ممثلي الفرق، الطريقة التي تم بها اختيار الأعضاء الثلاثة، حيث لم يستشر الملكي المكتب ولا تم التداول في الموضوع.
من جهته برر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أن قراره بتعيين 3 أعضاء في الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء جاء منضبطا للمساطر القانونية، منتقدا في الوقت ذاته منطق المحاصصة في توزيع المناصب، على أساس حزبي بدل الكفاءة.
وقال العثماني في بلاغ توضيحي صادر رعنه درا على “تصريحات لقيادي بحزب سياسي”، اتهمه بأنه عين ثلاثة أعضاء بالهيئة المذكورة دون التشاور مع الأغلبية الحكومية وبدون احترام التعددية الحزبية والسياسية، أن القانون رقم 15-48 المتعلق بضبط قطاع الكهرباء وإحداث الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، أعطى رئيس الحكومة سلطة تعيين ثلاثة أعضاء بمرسوم، دون أن يلزمه بالتشاور مع أي هيئة مهنية أو قطاع حكومي أو غيره ذلك، على خلاف عدد من التعيينات في هيآت أخرى، وإنما حدد القانون الكفآت والتخصصات المطلوبة.
وأكد رئيس الحكومة في بلاغه، أنه لم يعين بالهيئة المذكورة أسماء على المقاس، بل ألزم نفسه بطريقة تداولية، رغم أن نص القانون لم يلزمه بها، لضمان ما نص عليه القانون في المادة 25، بأن يُختار الأعضاء الثلاثة بالنظر إلى كفاءة الأول في مجال القانون، والثاني بالنظر إلى كفاءته في المجال المالي، والثالث بالنظر لكفاءته في مجال الطاقة, مؤكدا على تمسكه بالتداول مع بعض القطاعات الحكومية المعنية بالتخصصات المرجوة، ثم عبر حرصه على أن تكون السِيَر المهنية مطابقة للمطلوب.
وجرى إحداث هذه الهيئة العمومية بمُوجب القانون رقم 48.15 المتعلق بضبط قطاع الكهرباء، ويُعهد لها ضمان حسن سير السوق الحرة للكهرباء وضبط ولوج المنتجين الذاتيين إلى الشبكة الكهربائية الوطنية للنقل، ويتألف مجلس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء من الرئيس، وثلاثة أعضاء يُعينون بمرسوم، وثلاثة أعضاء يقترحهم رئيس مجلس النواب، وثلاثة آخرين من اقتراح رئيس مجلس المستشارين.
وقد صدرت في الجريدة الرسمية عدد 6907 أسماء أعضاء مجلس الهيئة المعينين بمرسوم، وهم إدريس شاطر ومحمد محروق ومحمد برنانو. أما الأعضاء الذين عينهم رئيس مجلس النواب فهُم مصطفى عجاب وأحمد المهدي مزواري، وهما عضوان في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إضافة إلى الصغير باعلي عضو بالحزب نفسه.
وجاء ضمن معطيات الجريدة الرسمية أن رئيس مجلس المستشارين عبد الحكيم بنشماس عيّن كأعضاء في الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء كلاً أحمد تهامي ومحمد بدير وخالد هينوي؛ وهم أعضاء في حزب الأصالة والمعاصرة، الذي ينتمي إليه رئيس الغرفة الثانية من البرلمان، ويشير المرسوم رقم 2.19873 إلى أن التعويضات المخولة لفائدة أعضاء مجلس الهيئة تناهز 62618 درهماً شهرياً تقتطع منها المساهمات المستحقة برسم التقاعد والتغطية الصحية.