في قلب العاصمة الفرنسية، وتحت قبّة القصر الكبير، تجوّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الجمعة بين أروقة المعرض الدولي للكتاب في باريس، حيث كانت المملكة المغربية ضيف الشرف لهذا العام.
وبين الكتب، والخرائط القديمة، وأصوات الكتّاب، كان للجناح المغربي حضور خاص شدّ الرئيس الفرنسي إليه، لكن ما خطف الأنظار أكثر لم يكن فقط الأدب، بل تصريح سياسي من العيار الثقيل.
فبينما كان يتبادل الحديث مع المؤلفين والناشرين المغاربة، توقف ماكرون عند قضية باتت تُثير الكثير من الجدل: سجن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر.
وقد عبّر ماكرون، بكلمات حذرة لكنها واثقة، عن تفاؤله بإمكانية الإفراج عن صنصال، المحكوم بالسجن خمس سنوات بسبب تصريحاته المثيرة للجدل حول التبعية التاريخية لأراضٍ من شرق الجزائر للمغرب.
“أنا واثق من ذلك”، قالها ماكرون، كما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية، مشددًا على أن القضية تحظى بـ”اهتمام خاص” من السلطات الجزائرية، ومضيفًا أن الأمل الأكبر هو أن يتمكن صنصال من استعادة حريته، وتلقي العلاج، والعودة إلى ما يحب: الكتابة.
الحديث جاء في لحظة رمزية للغاية، فالجناح المغربي في معرض الكتاب لم يكن مجرد ركن ثقافي، بل كان فضاءً يحتفي بالهوية، بالذاكرة، وبالكتابة التي لا تخشى أن تلامس حدود السياسة.
الجناح، الممتد على مساحة 330 مترا مربعا، ضم خمسة أركان تفاعلية، من التاريخ البحري، إلى مساحات النقاش، مرورا بجلسات التوقيع، وفضاءات للأطفال والنشر.
وبين هذه الفضاءات، تحرك ماكرون مرفوقًا بوزيرة الثقافة رشيدة ذاتي، حيث استقبله وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد، وسفيرة المملكة بباريس سميرة سيطايل.
الزيارة افتُتحت بتحية العلم على أنغام النشيدين الوطنيين، أبدعت في أدائهما الفنانة المغربية نبيلة معان، قبل أن يبدأ ماكرون جولته التي ختمها بتصريح دافئ، قائلا إنه “فخور وسعيد” باستضافة المغرب كضيف شرف، ومشيدا بما وصفه بالعلاقات “الحساسة والعميقة والودية” التي تجمع بين فرنسا والمغرب.
وشكر ماكرون الملك محمد السادس على الزخم الذي منحه لهذا الحدث الثقافي، كما توجه بالشكر لوزير الثقافة المغربي وكل الكُتّاب والناشرين المغاربة الحاضرين، واصفا هذا التبادل الثقافي بأنه “حوار دائم بين شعرائنا، وروائيينا، ومفكرينا”.
بين الكلمات والخرائط، وبين دفء الأدب وحرارة السياسة، كان هذا اليوم في معرض باريس للكتاب مشهدًا متكاملاً لما يمكن أن يكون عليه الأدب حين يتقاطع مع التاريخ، ولما يمكن أن يقوله رئيس حين يكون في حضرة الكلمة الحرة.