تضطرنا سلوكات بعض موظفي الدولة بأن ندعو من جديد إلى ضرورة استحضار معركة التدبير السلمي للحوار المعرفي القانوني باعتماد مقتضيات الفصل 132 من الدستور المغربي الذي ينص على أنه يمكن للملك، وكذا لكل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، وخُمس أعضاء مجلس النواب، وأربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين، أن يحيلوا القوانين أو الاتفاقيات الدولية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، أو قبل المصادقة عليها، إلى المحكمة الدستورية، لتبت في مطابقتها للدستور.
وحتى لا تتكرر مهزلة ” جواز التلقيح ” السيئة الذكر، والتي وظفت لاغتصاب صلاحيات السلطة القضائية واستقلال النيابة العامة، والتي لم تعد رئاستها بيد وزير العدل؛ علينا كحقوقيين ومحامين وغيرهم من حماة القانون والحريات والحقوق؛ علينا تنبيه وزير العدل بضرورة تفادي انتهاك مبدأ فصل السلطات واستقلال بعضها عن البعض!
فقد ولى عهد أم الوزارات وبالأحرى عهد تحكم السلطة التنفيذية بصدور دستور يوليوز 2011؛ وهو الدستور الذي أسبغ الشرعية على المفهوم الجديد للعدل وفق ما أكدت عليه الخطابات الملكية كتعبير عن نوايا العهد الجديد؛ والذي لا يعقل أن يخلد ذكراه الفضية في ظل بيئة تتهددها فوبيا عودة نساء ورجال السكتة القلبية وفزاعة سنوات القمع والرصاص حيث كان القضاء سوطا في يد السلطة التنفيذية وأجهزتها البوليسية القمعية.
ولأن المناسبة شرط فرهان الحقوقيين على محطة عشرين غشت الغنية خطاباتها الملكية بقرارات تروم أغلبها تكريس إصلاح عميق لمنظومة العدالة كموطن للإنسان المواطن، رهان وطني كبير، لا يعقل أن تعكر صفوته نزوات حنين إلى ماضي لا يريد أن يمضي!
مصطفى المنوزي
رئيس أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي.