أثارت قضية سليمان الريسوني وأدم أوش جدلا كثيرا وأسالت مدادا كثيرا، فهناك من يتحدث عن مؤامرة ضد الصحفي “المشاكس” كما يصوره المدافعون عنه، لكن القضية ليست بهذا المستوى، لأن هناك ضحية اسمه آدم، تقدم بشكاية يقول فيها إنه تعرض للاغتصاب والاحتجاز من قبل الريسوني ذات يوم وقدم حججا وأدلة أقنعت المحكمة بما ادعاه فحكمت لصالحه، والحكم هو إنصاف لمن يتقدم إلى العدالة كي يأخذ حقه ممن اعتدى عليه.
التناقضات التي وقع فيها المدافعون عن الريسوني كثيرة، فمن جهة يزعمون أن الشكاية كيدية، ومرة يزعمون أن المحاكمة غير عادلة، مع العلم أن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء سبق أن أصدر بيانا أوضح فيه أن المتهم حظي بكل شروط المحاكمة العادلة، غير أن من يحيطون به دفعوه للغياب عن المحكمة لحوالي تسع جلسات، وكانت هيئة الحكم أصدرت قرارا بإحضاره بكل الأدوات الممكنة قانونا.
إن أي محاولة للدفع ببراءة الريسوني رغم حكم المحكمة هو اعتداء صارخ على حقوق الضحية، وعلى الأقل كان ينبغي الاستماع للطرفين قبل تحديد موقف بشأن الموضوع، بدل الانخراط السريع في الدفاع عن شخص متهم بالاغتصاب والاحتجاز.
لكن لما نطلع على المجموعة التي تتولى الدفاع عن الريسوني، نعثر على تحالف غريب يجمع إسلاميين ويساريين خاضعين لتوجهات ظلامية ومجموعة من الأشخاص لديهم قضايا أمام المحاكم، ومتابعون بتهم مختلفة، والغريب أن تجد يساريا منحازا للريسوني فقط لأن الضحية ينتمي لأقلية كان على اليساري الدفاع عنها.
هذه المجموعة التي تدافع اليوم عن الريسوني هي نفسها التي دافعت عمن سبقوه وكانوا متهمين بجرائم مماثلة أو أكبر، ودائما تحضر نوتة “المؤامرة” وكأن الصحفي فوق القانون، وواقع الحالي فليس الصحفي فوق القانون كما لن يقبل أحد أن يكون تحت القانون، ولكنه مواطن مثله مثل غيره يسري عليه ما يسري عليهم دون ظلم ولا تظالم.
فحكم المحكمة قابل للنقاش لكن في مكانه، وأمام الدفاع فرصة الاستئناف وما عليهم سوى تفكيك خطاب الخصم أي الضحية ومحاولة تبرئة موكلهم بدل الحديث خارج أسوار المحكمة وهي مهمة العاجز عن مواجهة الدليل.