وجدت المدارس الخصوصية وآباء وأولياء التلاميذ أنفسهم في خندق واحد، أو في صراع مفتعل، لأنهم طبقوا قرارات لم يتم إشراكهم فيها، فقد تم تعليق الدراسة بشكل فجائي، لسنا ممن كان يدعو إلى استمرارها، ولكن معالجة ألآثار السلبية لذلك، سواء على المؤسسات التعليمية الخصوصية أو على الآباء.
إذن القضية تطرح إشكالات قانونية واجتماعية. فمن المسؤول عن هذه الوضعية؟ فالمدرسة ملزمة بأداء أجور المدرسين والموظفين والأعوان والسواق وعمال النظافة والمربيات والمرافقات، والآباء وأولياء التلاميذ ملزمون بأداء واجبات التمدرس كما تنص على ذلك العقود الموقعة بينهم وبينهم المؤسسات التي يدرس بها أبناؤهم.
فقانونيا أولياء أمور التلاميذ ملزمون بأداء الواجبات المدرسية، لأن الجهة المسؤولة عن توقيف الدراسة مؤقتا هي وزارة التربية وليس المدرسة.
قانونيا دائما وليس عمليا، المدارس لم تمتنع عن استقبال التلاميذ، ولكن هناك طرف آخر فرض عدم حضور التلاميذ إلى المدارس، وبالتالي فإن القانون يقول إن الآباء هم من أخلوا ببنود العقد وليست المدرسة بغض النظر عمن تسبب في تعليق الدراسة.
ورغم أن المدارس الخصوصية أغلقت أبوابها بالنظر للقرارات التي اتخذتها وزارة التربية والسلطات العمومية، فإنها استمرت في تقديم الخدمة التعليمية، وذلك من خلال الدروس عن بعد، التي هي خدمة تحتاج إلى تكلفة، سواء تعلق الأمر باستمرار المدرسين في تلقي أجورهم أو تعلق الأمر بتوفير أدوات إنتاج المادة التعليمية، وبما أن الآباء لم يظهروا تحفظهم من هذا الأمر فتبقى العلاقة التعاقدية قائمة، وبالتالي كل ما يترتب عن هذه العقود يبقى قائما بما في ذلك أداء واجبات التمدرس إلا ما كان من توافق بين الطرفين.
ودائما من الناحية القانونية فإن موافقة الآباء على التعليم عن بعد يفيد الاتفاق على تعاقد جديد وعلاقة جديدة، تؤكد استمرار العقود السابقة والعلاقات التعاقدية الأولى، وبالتالي فهم ملزمون بتنفيذ التزامهم المقابل وهي أداء الواجبات الشهرية المتفق عليها دون واجبات التنقل والمطاعم والحراسة.
الآباء هنا هم الحلقة الأضعف في المعادلة، لأنهم مضطرون في الغالب للأداء خوفا على مستقبل أبنائهم، والمدارس الخصوصية هي أيضا وجدت نفسها مضطرة لمواصلة العمل خصوصا وأنه لم يتم إدراجها ضمن المؤسسات التي يمكن أن يستفيد العاملون بها من تعويضات الضمان الاجتماعي.
في الواقع نحن أمام معادلة صعبة جدا. من جهة هناك مؤسسات تعليمية مضطرة للاستمرار في العمل، وفرضت عليها الوزارة تقديم الدروس عن بعد، ومن جهة الآباء، الذين هم ملزمون بأداء واجبات التمدرس، بينما الوزارة قدمت استقالتها من الملف واعتبرت أن الموضوع يهم طرفين هم المدارس الخصوصية والآباء.
إذا كانت الوزارة تعتقد أنها غير معنية بالتدخل لحل الملف فإنها ستخلق قنبلة موقوتة لأن هناك العدد من الآباء رفضوا أداء الواجبات المدرسية إما اعتقادا منهم أنه لم تعد هناك خدمات تستحق ذلك أو هم أيضا من تضرروا من الطوارئ الصحية، وبالتالي الوزارة مسؤولة عن هذه القنبلة التي يمكن أن تنفجر عند الدخول المدرسي المقبل حيث سنكون أمام آلاف التلاميذ الذين لا يتوفرون على شهادات الانتقال إلى مدارس أخرى يريدون الهروب إليها لأنهم لم يؤدوا الواجبات المدرسية. ويبقى الحل فتح نقاش حقيقي في الملف والوزير إن لم يتحرك فلينتظر القنبلة تنفجر في وجهه.
وكي يتم تفادي هذه القنبلة لابد أن يدافع المعنيون بالأمر عن القطاع لدى لجنة اليقظة الاقتصادية، قصد تعويض أصحابه عن بعض الخسائر لا تركه يتحملها لوحده، فمن غير المعقول وضعه في اللائحة السوداء للتعويضات ومطالبته بأداء دوره. فلابد للفاعلين في القطاع من طرق باب لجنة اليقظة وهو الطريق الوحيد لتفكيك مفعول القنبلة المذكورة.
افتتاحية النهار المغربية ليوم الأربعاء 2 يونيو 2020