إدريس عدار
لا يستقيم الكتاب المدرسي إلا برفقة الدفتر. في زمن مضى كان مجرد كناش واحد أو اثنين يكفي. اليوم ينبغي توظيف شخص يتكلف بحمل الحقيبة عن أكتاف التلميذ. الكتب أيضا لم تكن بهذا العدد. كان بمكنة تلميذين أن يشتركا في شراء كتاب واحد. بل كانا يشتركان في أدوات الرسم. وفي الكوليج يمكن أن تكتفي بدفتر كبير الحجم وتقسمه على المواد باستثناء الفيزياء فهو يحتاج دفترا من الحجم الكبير والعلوم الطبيعية تحتاج دفترا خاصا ورقة مسطرة وأخرى بيضاء للرسومات التوضيحية.
اليوم تشتري كما كبيرا من الدفاتر لا يتم استهلاكها كاملة. بمعنى ملايين الأوراق تضيع هباء منثورا. يضيع الورق في وقت يعاني العالم من ندرة لهذه المادة. الأصوات ترتفع من أجل تقليص صناعة الأوراق إلى الحدود الدنيا، حفاظا على الغابة رئة العالم.
الوزارة الوصية أعلنت أنها ستقدم دعما للكتاب المدرسي حفاظا على سعره. لكن لا أحد تحدث عن صنوه وشقيقه ورفيق دربه “الدفتر” لم يحظ بأي دعم. الحديث يتواصل والأصوات تعلو عن ارتفاع صاروخي في سعر الورق. بمعنى أن سعر الدفتر سيرتفع.
سعر الدفتر سيرتفع. سعر الأقلام وغيرها كذلك سيرتفع. ميزانية الأسر سوف تتدهور.
سوق الكتاب المدرسي ولوازم التعليم ينبغي ترشيده. ليس بالضرورة أن يكون ربحيا.
المدرسة هي منطلق العلم والمعرفة، لا يمكن تركها عرضة لمنطق “البيع والشراء”.
الكتاب المدرسي سوق رائجة للمضاربات. تغييره في كثير من الأحيان لا يخضع لعلل بيداغوجية وإنما تتحكم فيه روح الربح وجشع التجار. وفي كثير يتم تغيير الغلاف وترتيب المواد. سلطة التعديل تملكها الوزارة، لكن الوزارة التي تنتمي إلى حكومات “السوق” لا تعير اهتماما للبعد التربوي والتعليمي في الكتاب.
الغلاء الذي يعرفه سوق الورق سيؤثر كثيرا على سعر الدفتر، والوزارة خصوصا والحكومة في المجمل غير معنية بالموضوع، يعني تركت الأسر في مواجهة ضروس مع أسعار لا يعلم إلا الله مداها، والمدى وصلت نصالها إلى العظم.
هذه سوق تحتاج إلى ترشيد كبير حماية للغابة وحفاظا على جيوب الناس ورفقا بشعب قاعدته الأساسية “على قد الحال”.
كيف يمكن أن تحارب الهدر المدرسي وأنت تدفع كثيرا من الأسر للتخلي عن تدريس أبنائها؟ من أسباب الانقطاع أحيانا ما تخلقه تكاليف الدراسة من أعباء زائدة عن اللزوم لعائلات بالكاد تسد رمقها.
الدعم الذي يمكن أن تقدمه الحكومة هو البحث عن آليات ترشيد سوق الكتاب والدفاتر ولوازم المدرسة بعيدا عن جشع التجار ومافيات متخصصة في نهب جيوب المغاربة تترصد بهم السبل منتظرة عودة التلاميذ إلى المدرسة لتمارس الإنهاك المالي على الأسر.