محمد عفري
الارتفاع المهول الذي سجله معدل البطالة مؤخرا، لا يضع حكومة أخنوش في خانة الفشل الذريع وحسب، وإنما يسائلها عن افتقادها الحلول لمواجهة ظاهرة عقم التشغيل، وبالتالي يلح عليها بصدد فشل برامج “فرصة” و”انطلاقة” و”أوراش” بجزئيها للتشغيل الذاتي للنيل من كماشة البطالة، وبالبطالة هي التي تفشت خلال العامين ونصف العام تقريبا من عمر حكومة أخنوش على السلطة التنفيذية، إلى 12 و12.9 ثم إلى 13.7 في معدل غير مسبوق، من تاريخ سوق الشغل المغربي..
الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط بخصوص معدلات البطالة، جاءت منسجمة مع أرقام بنك المغرب تؤكد انتقال هدا المعدل من 12,9 في المائة إلى 13,7 خلال الفصل الأول من السنة الجارية، بزيادة 0,8 نقطة، بعدما قفز هذا المعدل من 17,1 في المائة إلى 17,6 بالوسط الحضري، ومن 5,7 في المائة إلى 6,8 بالوسط القروي، فيما تركزت الظاهرة لدى الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 سنة و24، بنسبة تجاوزت الثلث، أي 35,9 في المائة، وحاملي الشهادات بنسبة 20,3 في المائة، وكذا النساء بنسبة 20,1 في المائة، في الوقت الدي لن يتجاوز معدل النمو الاقتصادي للسنة الجارية، 2.1 في المائة، متأثرا بالجفاف ومحصول فلاحي هو الأدنى منذ سنوات، لن يتعدى 25 مليون قنطار من الحبوب.
مادا أعدت حكومة اخنوش أمام ارتفاع معدلات البطالة خصوصا في صفوف الفئة النشيطة من السكان، والخلل مستمر في إنتاج مناصب الشغل، وسط عقم كبير على مستوى الاستثمارات والبرامج العمومية المخصصة للتشغيل، علما ان الفصل الأول من 2024 لم يشهد ذلك التراجع الاقتصادي الكبير، الذي يؤدي غلى مستوى عال من البطالة؛ حيث أن معدل النمو بلغ 2.9 في المائة خلال الفترة المذكورة، ما يفسر ان حكومة أخنوش تعيش مأزقا خطيرا على مستوى تدبير ملف التشغيل، برهانها الكبير على برامج “جاهزة” بإرهاصات ” فاشلة” في بداياتها من قبيل برامج “انطلاقة” و”فرصة” وكدا “أوراش 1” و”أوراش 2″، وغيرها، من أجل إنعاش وتيرة التشغيل والتشغيل الذاتي، وتخفيض معدل البطالة دون سقف 11 في المائة، غير ان الواقع كشف الفشل في هدا الرهان الدي هو من فشل هاته البرامج، خصوصا عندما يكون التبرير الحكومي أكبر من وقوع الحكومة في زلة انعدام الحلول، تبرير جاء على لسان وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، ليفسر فقدان 200 ألف منصب شغل، كونها مناصب غير مؤدى عنها، وتركزت في العالم القروي، وترتبط بشكل مباشر بتوالي سنوات الجفاف والظروف المناخية الصعبة.
في غياب أدنى الحلول لدى حكومة أخنوش التي تشدقت ما مرة بكونها حكومة كفاءات قادرة على رمي عصاها السحرية لإنقاذ سوق الشغل الوطني، وجدت نفسها تركب على هاته البرامج والأوراش لفك معادلة البطالة وهيمنتها على سوق الشغل، رغم أن هاته الأوراش والبرامج، وإن لم تكن ببدايات متعثرة، فإن نتائجها المنتظرة كانت قاب قوسين أو أدنى من الإيجابية على المدى الطويل، فلا انطلاقة ولا فرصة ولا اوراش أو غيرها استطاع “عنق” رقبة الحكومة من مقصلة البطالة بأرقامها المهولة المؤثرة سلبا في النسيج الاقتصادي، ومعدلات نموه بالخصوص..
من جانب اخر، “فإنتاجية الاستثمارات” على مستوى التشغيل هي الأخرى تسائل الحكومة بشكل ملح، بالنظر إلى تركز نسبة 36 في المائة من البطالة في صفوف الشباب، المتراوحة أعمارهم بين 15 سنة و24، ما يجعلها مطالبة أكثر من أي وقت مضى باتخاذ تدابير استعجالية لمواجهة هذا الخلل، خصوصا من خلال إعادة النظر في الشراكات بين القطاعين الخاص والعمومي، ومراجعة البرامج والمشاريع الموجهة إلى تشغيل الشباب، وإحداث دينامية جديدة لتعزيز الاستثمارات الإنتاجية، خصوصا في ما يسمى بـ” المناطق الحرة” بما يسمح بتحفيز وتيرة خلق فرص الشغل المستدامة، لأن الواقع أتبث أن كل مبادرات حكومة أخنوش لتعزيز التشغيل خلال الفترة الماضية لا تلبي التوقعات، لتبقى، المشاريع المرتبطة بتنظيم المغرب مونديال 2030 بملف مشترك مع إسبانيا والبرتغال، وحدها قادرة على امتصاص الأرقام المهولة للبطالة خصوصا ما تعلق بقطاعي البناء و الخدمات..