إدريس عدار
قال البروفيسور هنري لورنس، أستاذ كرسي بالكوليج دو فرانس، في حوار مع الصحيفة لومانيتي الفرنسية في عددها الأخير “لا يوجد احتلال مسالم وديمقراطي، هذا لا يوجد”، لهذا لا ينبغي تحميل الفلسطينيين قصة الدمار الذي حل بهم، لأن إسرائيل تم وضعها على أساس استعمار مختلف، فكل الدول الاستعمارية، كانت تعرف أن وجودها في الأراضي التي احتلتها سوف ينتهي وتقوم بالنهب والسلب قبل أن يحين أوان رحيلها، لكن إسرائيل احتلال مبني على إيديولوجية مختلفة، فإذا كان الاحتلال الأوروبي زعم تمدين الشعوب، وهي مغالطة، فالاحتلال الإسرائيلي جاء من أجل اختراع “دولة إسرائيل” بتعبير شلومو ساند.
عندما يتحدث دعاة السلام بين الطرفين إما يجهلون بحقائق الأمر أو أنهم يريدون مزيدا من الوقت لتبقى هذه الدولة. السلام مع محتل لا يعترف للآخر بشيء. أي إمكانية لسلام مع دولة انقلبت على مشروع أوسلو وهو أدنى الحلول المؤقتة في طريق بناء الدولة الفلسطينية على حدود 1967؟ من يطرح السلام دون تمحيص يقوم بتغييب التاريخ والجغرافية.
تاريخ مكثف بالرموز الدينية خصوصا الإسلامية والمسيحية، وبالتالي يأبى أن يندثر حتى لو تم تجنيد العلوم الإنسانية لذلك، فإسرائيل تعتبر الأركيولوجيا هاجسا وطنيا بتعبير الكاتب الإسرائيلي المتحرر من الصهيونية إيلان بابيه، لأن الحفريات المتواصلة تشير إلى وجود فلسطيني تاريخي على امتداد أربعة آلاف عام تتخلله بضعة خيوط لوجود يهودي. وجغرافية ضيقة للغاية يستحيل اقتسامها يقول المغاربة في كلامهم الدارج “آش في البيضة ما يتقسم آ دوار العجب”.
الباحث الفرنسي لديه رؤية متشائمة للحل المطروح للصراع، وقال في خاتمة حواره مع الصحيفة الفرنسية، الناطقة باسم الحزب الشيوعي، “نعم، منذ وقت طويل لا أومن بحل الدولتين. لماذا، يتساءل؟ لأنها لعبة نتيجتها سلبية. تقدم واحدة هو حتما على حساب الأخرى. الذي يملك أكثر ليس له أي مبرر ليتنازل. إذن ليتم التعويض، تم خلق وهم اقتصادي: أدي للفلسطينيين كي يسكتوا، ويقبلوا خسارتهم. لكن يبدو أنهم لم يقبلوا واستمروا في فقدان أراضيهم. لكن، كلما ازداد الاحتلال فقد إمكانية عقد اتفاقية سلام. لقد تم الحكم عليه بالبقاء قوة احتلال. يذكرنا الجنرال دوغول: الاحتلال يسبب المقاومة التي يسميها البعض إرهابا.
وعلى ذكر الإرهاب فإن كثيرا ممن ينعتون المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، بينما لا يتجرؤون على نعت أفعال إسرائيل بأنها إرهاب مضاعف يصل حد جرائم إبادة جماعية في حق شعب أعزل.
ويشير الكاتب إلى أمر مهم: الذين هاجموا المستوطنات والكيبوتزات بغلاف غزة يوم السابع من أكتوبر هم أحفاد الذين قام الجيش الإسرائيلي عند تأسيس دولة إسرائيل بطردهم من تلك الأرض.
مهما يكن موقف أي واحد منا من الصراع وما يجري ورؤيته للحل، فإنه لا يمكن التفكير في القضية خارج إطار الاحتلال، الذي لن يكون مسالما ولا ديمقراطيا.