باشرت لجنة النموذج التنموي، جلسات الاستماع الى رؤى وتصورات الأحزاب السياسية، والاستماع الى مقترحات الفاعلين السياسيين حول النموذج التنموي للمغرب، حيث استقبلت اللجنة بمقرها بحي الرياض بالرباط، صباح أمس، وفد عن حزب العدالة والتنمية، قبل استكمال عملية الاستماع لممثلي الأحزاب والنقابات إلى غاية يوم الأربعاء المقبل.
وكشفت لجنة النموذج التنموي، عن قرار تنظيم جلسات استماع واسع ومنفتح للمؤسسات والقوى الحية للأمة المتضمنة للأحزاب والنقابات والقطاع الخاص والجمعيات ، في إطار روح الانفتاح والبناء المشترك ، وذلك بهدف جمع مساهمات وآراء جميع الأطراف المدعوة إلى هذه العملية، حيث أشارت اللجنة الخاصة إلى أنها ستوفر ، في نفس الإطار التشاركي ، منصة رقمية لتلقي وتجميع مختلف المساهمات والأفكار التي يتقدم بها المواطنون من أجل إغناء النقاش والتصورات.
وتتجه اللجنة، الى تنظيم مجموعة من اللقاءات الميدانية للاستماع للمواطنين و لمختلف مكونات المجتمع ، مؤكدة أن هذا التوجه جاء لتوطيد روح التفاعل والانفتاح، عبر تجميع تصورات ورؤى الفعاليات الجمعوية والسياسية في المغرب، للانكباب على إعداد تصور تشاركي ومجتمعي النموذج التنموي للمغرب.
وكان التعيين الملكي للجنة النموذج التنموي، كشف عن كفاءات مغربية في العلوم الحديثة والدراسات الجامعية والإبداع التكنولوجي والهندسات الحديثة والعلوم المتطورة، ورسم التعيين الملكي الصورة المستقبلية للنموذج التنموي للمغرب، بالدعوة من خلال تشكيل لجنة عالية الى النهل من تجارب وتصورات ورؤى عالمية تصب في اتجاه دعم التطور التكنولوجي والعلمي والعلوم الحديثة المعلوماتية، وتحيي الابداع الفكري في مجالات الحياة اليومية للمغاربة، وأظهرت السير الذاتية للكفاءات المعينة بلجنة النموذج التنموي، عن تكليف جلالة الملك محمد السادس لمهندسين وخبراء في المال وجامعيين وأطباء، لصياغة تصورات نموذج متطور للتنمية المغربي.
واختار جلالة الملك محمد السادس كفاءات هندسية حاصلة على شهادات عليا من جامعات عالمية مشهود لها بالكفاءة العلمية انطلاقا من جامعات هارفرد بالولايات المتحدة الامريكية الى جامعات “البولتيكنيك” والطرق والقناطر بفرنسا، وأطر عليا في مجالات الصناعات التكنولوجية الحديثة، وخبراء في المعلوميات الحديثة، لتوجيه دفة التنمية نحو التطور والاستفادة من عوامل التنمية الحديثة بالعالم وجعلها متاحة في المغرب، كما عزز جلالة الملك اللجنة بوجوه في مجال الاخراج السينمائي وفاعلين جمعويين.
وحددت 6 أشهر كمهلة مخصصة للجنة النموذج التنموي، لرفع تقريرها الى جلالة الملك محمد السادس، حيث تتجه اللجنة، الى الاستفادة من تجارب أجنبية مع الحفاظ على خصوصيات البيئة المغربية، والحفاظ على الروابط الاجتماعية وتقوية الثقة المحررة لطاقات العمل والإنتاج، دون إغفال الاستدامة في معالجة الاختلالات، المتعلقة بالحكامة الوطنية والجهوية والمحلية.
ويتجه شكيب بنموسى، رئيس لجنة النموذج التنموي الى عقد لقاء مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، لبحث سبل العمل والتواصل مع اللجنة الاستشارية الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، إذ أن الحكومة واحدة من الفعاليات التي ستنفتح عليها اللجنة في إطار الإعداد لمقترحات النموذج التنموي، ومنها النقابات والأحزاب والمجتمع المدني وفاعلون في القطاعين العام والخاص وخبراء.
وتتكون اللجنة من أكاديميين واقتصاديين وخبراء في مختلف المجالات المرتبطة بالثقافة والاجتماع والحكامة والتدبير، حيث احتضنت البناية السابقة للمجلس الاستشاري للتربية والتكوين عمل اللجنة كمقر لها وتنظم بها اجتماعاتها، وانصب عملها على إعداد التصورات والمقترحات التي من شأنها أن تشكل المعالم الكبرى للنموذج التنموي الجديد مع كيفية تطبيقه وتنفيذه بمعية باقي المؤسسات الدستورية.
وكان جلالة الملك محمد السادس، كلف شكيب بنموسى وزير الداخلية الأسبق وسفير المغرب بفرنسا، يوم 19 نونبر الماضي ، برئاسة اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، في تنزيل فعلي لتوجهات جلالة الملك وتسريع وثيرة الإصلاح، وبلورة توجهات المرحلة الجديدة في الإقلاع الشامل، وجاء التكليف الملكي، بعدما قرر جلالة الملك في خطاب العرش الأخير، إحداث اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، موضحا طبيعة تركيبتها ، لتشمل مختلف التخصصات المعرفية، والروافد الفكرية، من كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص، تتوفر فيها معايير الخبرة والتجرد، والقدرة على فهم نبض المجتمع وانتظاراته، واستحضار المصلحة الوطنية العليا.
ويشدد الملك، على أن ” اللجنة لن تكون بمثابة حكومة ثانية، أو مؤسسة رسمية موازية، وإنما هي هيأة استشارية، ومهمتها محددة في الزمن، وعليها أن تأخذ بعين الاعتبار التوجهات الكبرى، للإصلاحات التي تم أو سيتم اعتمادها، في عدد من القطاعات، كالتعليم والصحة، والفلاحة والاستثمار والنظام الضريبي، وأن تقدم اقتراحات بشأن تجويدها والرفع من نجاعتها.
وطالب جلالة الملك من اللجنة، ” أن ترفع الحقيقة، ولو كانت قاسية أو مؤلمة، وأن تتحلى بالشجاعة والابتكار في اقتراح الحلول”، ودعا الحكومة للشروع في إعداد جيل جديد من المخططات القطاعية الكبرى، تقوم على التكامل والانسجام، و من شأنها أن تشكل عمادا للنموذج التنموي، في صيغته الجديدة.
ويشدد الملك على أن ” نجاح المرحلة الجديدة يقتضي انخراط جميع المؤسسات والفعاليات الوطنية المعنية، في إعطاء نفس جديد، لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، كما يتطلب التعبئة الجماعية، وجعل مصالح الوطن والمواطنين تسمو فوق أي اعتبار، حقيقة ملموسة، وليس مجرد شعارات.
ودعا جلالة الملك المغاربة للمساهمة الإيجابية فيها، بروح المواطنة الفاعلة، لأن النتائج التي نطمح إليها، والمشاريع والمبادرات، التي نقدم عليها، لها هدف واحد هو تحسين ظروف عيش المواطنين”.
وكان الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى السادسة و الستين لثورة الملك و الشعب، قدم من منطلق الطموح في إرساء مغرب أكثر مساواة، مفاتيح مستقبل النموذج التنموي كمدخل لبروز مرحلة جديدة برؤية ودماء جديدين.
و رسم صاحب الجلالة الملك محمد السادس مسارات عملية وآفاق تفعيل أمثل لهذا النموذج الذي يرغب جلالته أن يشكل وصفة علاجية للأسقام التي تعاني منها البلاد، ويكلف جلالة الملك اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي بمهمة ثلاثية ” تقويمية ” و “استباقية ” و “استشرافية “، ومن دون شك، فإن الأمر يتعلق بعمل كبير ” للتوجه بكل ثقة نحو المستقبل “.