أعاد ظهور محمد بودريقة جدل “حمايته” من طرف الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب والقيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار بعدم ابلاغ المحكمة الدستورية عن شغور مقعده على إثر الغياب الطويل و بعد عزله من رئاسة مقاطعة مرس السلطان بالدار البيضاء، حيث كان حزب العدالة و التنمية نبه الى أن الطالبي العلمي “يتحايل” على المحكمة الدستورية لحماية مفسدي الحزب.
وحذرت المعارضة من مفارقة حماية مصالح حزب اخوش بالبرلمان على حساب القوانين المظمة للمؤسسة التشريعية، بعدما قضت المحكمة الدستورية بتجريد النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، رشيد الفايق، المحكوم عليه في قضايا فساد وارتشاء وتبديد أموال عمومية، من مقعده البرلماني، وذلك بناء على الرسالة التي توصلت بها من رئيس مجلس النواب يطلب فيها تجريد المعني بالأمر من مقعده بسبب غيابه لمدة سنة تشريعية كاملة دون عذر مقبول،.
و اثارت مراسلة جدلا واسعا في صفوف المتتبعين للمشهد السياسي الوطني، وذلك لكون الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب المنتمي لحزب الأحرار لم يعتمد نفس المسطرة مع نواب آخرين والقاضية بفقد الأهلية الانتخابية خاصة وأن “الفايق” محكوم عليه في قضايا الفساد.
و جاء هذا الجدل بعدما قضت المحكمة الإدارية بالبيضاء، بقبول طلب عامل عمالة مرس السلطان الفداء، وعزل رئيس مقاطعة مرس السلطان محمد بودريقة ، بسبب غيابه عن مزاولة مهامه، وصدر الحكم عن رئيس المحكمة الإدارية بالبيضاء بصفته قاضيا للمستعجلات، بعد تأكد تغيب رئيس مقاطعة مرس السلطان محمد بودريقة عن مقر عمله لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر.
وكانت وزارة الداخلية قد وجهت في وقت سابق إعذارا إلى محمد بودريقة، رئيس مجلس مقاطعة مرس السلطان لاستئناف مهامه بمجلس المقاطعة، نظرا لانقطاعه عن الحضور لفترة تعدت ثلاثة أشهر.
وأوضحت مراسلة عامل عمالة الفداء مرس السلطان، أن المعطيات المتوفرة لدى السلطة المحلية أفادت “انقطاعكم عن مزاولة مهامكم بمجلس مقاطعة مرس السلطان منذ الدورة العادية لشهر يناير 2024 للمجلس، المنعقدة بتاريخ 10 يناير 2024، إلى حدود تاريخ اليوم”.
وأشارت المراسلة إلى أن ذلك يتم “دون توفر مصالح السلطة الوصية على ما يبرر انقطاعكم عن العمل، وأن هذا الوضع أثر بشكل سلبي على الاحتياجات المرفقية الآنية التي يتطلبها السير العادي للمقاطعة، كما شكل شللا تاما بمختلف المرافق الإدارية، الشيء الذي أضر بمصالح المرتفقين”.
واستندت المراسلة على أحكام الفصل 145 من دستور المملكة لسنة 2011، والمادتين 20 و21 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.
وكان أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس محمد الغزالي، قال بأن التواريخ في هذه الواقعة مهمة جدا فمثلا لو كان السيد النائب قد أكمل التغيب لمدة سنة تشريعية كاملة عن المجلس قبل تاريخ صدور حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به في إحدى القضايا المتابع فيها، فإن مبادرة رئيس مجلس النواب قانونية ولا غبار عليها، وتدخل في صميم صلاحياته الدستورية.
وأوضح الغزالي أنه إذا كان تاريخ الإحالة لاحقا على صدور الحكم المكتسب لقوة الشيء المقضي به، فهنا يمكن فعلا الحديث عن شبهتين، الأولى هي شبهة حماية الفساد والمفسدين بعدم إفقاد النائب الأهلية الانتخابية، والشبهة الثانية هي تضارب المصالح أو على الأقل استغلال النفوذ وذلك بالعمل على أن لا يخسر حزب رئيس مجلس النواب مقعدا نيابيا ليس من حكم المؤكد أن يحافظ عليه إن اضطر للتنافس عليه من جديد في انتخابات جزئية.
و اقترح أستاذ العلوم السياسية، أن يعدل النظام الداخلي لمجلس النواب والقانون التنظيمي لمجلس النواب، بحيث يميز بين حالة الغياب بدون عذر دون متابعات قضائية، والتغيب بدون عذر في ظل متابعات قضائية للعضو المعني، وعليه لا يتم البت في قضية التجريد من العضوية النيابية بسبب التغيب لمدة سنة تشريعية كاملة إلا بعد صدور حكم قضائي نهائي في الوقائع التي يتابع فيها العضو المعني، مبرزا أنه في هذه الحالة يتم التجريد من الصفة مع فقدان الأهلية الانتخابية والإعلان عن شغور المقعد النيابي.
وأضاف أنه في حالة ما إذا كان الحكم القضائي النهائي لا يرفع الأهلية عن النائب يتم تجريده آنذاك من صفته بسبب التغيب غير المبرر لمدة سنة تشريعية كاملة بتاريخ مفعول يبتدئ من تاريخ التغيب. يذكر أن غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بالبت في الجرائم المالية بمحكمة الاستئناف بفاس، كانت قد قضت في يونيو الماضي بمراجعة الحكم الابتدائي الصادر في حق الفايق، وذلك برفع عقوبته من 6 سنوات إلى 8 سنوات سجنا نافذا.