صنف المؤشر العالمي للأمن السيبراني لسنة 2024، المملكة المغربية ضمن المستوى الأول مع الدول الرائدة في مجال الأمن الإلكتروني التي تظهر التزاما قويا في تعزيز ركائزه الخمس التي اعتمدها المؤشر، إلى جانب 45 دولة أخرى من مجموع الدول التي شملها المؤشر، أبرزها الولايات المتحدة وأستراليا والدنمارك وألمانيا.
وحصل المغرب على نقطة تقييم 97,5 نقطة الدولة المغاربية الوحيدة التي صُنفت ضمن الدول النماذج على هذا المستوى، بينما جرى تصنيف كل من الجزائر وتونس وليبيا في المستوى الثالث، وتم وضع موريتانيا في المستوى الرابع الذي يضم الدول التي حصلت على ما بين 20 و55 نقطة.
ويعد مؤشر الأمن السيبراني الذي صدرت نسخته الخامسة مرجعا موثوقا يقيس التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالأمن الإلكتروني، ويقيم مستوى مشاركة كل دولة في تعزيز أسس هذا الأمن من خلال خمس ركائز ومؤشرات أساسية تتعلق بالتدابير القانونية، والفنية، وكذا التدابير التنظيمية، إضافة إلى التدابير المتعلقة بالتعاون وتلك المرتبطة ببناء القدرات في مجال الأمن السيبراني.
و حصلت المملكة المغربية على 20 نقطة في ما يتعلق بكل من التدابير القانونية والتنظيمية وتلك المتعلقة بالتعاون، ثم على 19,38 نقطة في التدابير المرتبطة ببناء القدرات، إضافة إلى 18,12 نقطة في مؤشر التدابير الفنية؛ فيما أكد الاتحاد الدولي للاتصالات أن منطقة إفريقيا حققت أكبر تقدم في مجال الأمن السيبراني برسم المؤشر الجديد مقارنة بآخر مؤشر أُصدر سنة 2021.
وقال مدير مكتب تنمية الاتصالات بالاتحاد سالف الذكر، في بيان، إن “مؤشر الأمن السيبراني العالمي 2024 يُظهر تحسنا كبيرا من جانب البلدان التي تنفذ التدابير القانونية الأساسية والخطط ومبادرات بناء القدرات وأطر التعاون، وخاصة في تعزيز قدرات الاستجابة للحوادث”، وأضاف زافزافا أن “مشاريع وبرامج الأمن السيبراني التابعة للاتحاد الدولي للاتصالات تدعم الجهود الوطنية لإدارة التهديدات السيبرانية بشكل أكثر فعالية”، معبرا في الوقت ذاته عن أمله أن “يشجع التقدم الذي أظهره هذا المؤشر الأخير البلدان على بذل المزيد من الجهود في تطوير أنظمة وشبكات رقمية آمنة وجديرة بالثقة”.
وأشار تقرير المؤشر العالمي للأمن السيبراني إلى أن “123 دولة في العالم أفادت بوجود تدريبات لمحترفي الأمن السيبراني، كما كان لدي 105 دول أطر لتنفيذ معايير الأمن السيبراني المعترف بها وطنيًا أو دوليًا، مقابل 103 دول فقط عام 2021″، مؤكدا أن “البلدان الأقل نمواً في العالم بدأت تحقق مكاسب على هذا المستوى، رغم أنها مازالت بحاجة إلى الدعم للتقدم بشكل أكبر وأسرع”.
وكانت دراسة أكاديمية ، اكدت أن المغرب انخرط في مواكبة مختلف التطورات والتحديات المرتبطة بالمجال السيبراني، سواء على مستوى الانخراط في الاتفاقيات الدولية والإقليمية أو على مستوى إصدار التشريعات الضرورية وبلورة استراتيجية وطنية للأمن السيبراني منذ سنة 2012 للحفاظ على أمنه وبنياته التحتية ومصالحه الاقتصادية والجيوسياسية.
وقالت الدراسة، المنشورة ضمن العدد الأخير من مجلة “قراءات علمية في الأبحاث والدراسات”، إن “تزايد التهديدات والتحديات المرتبطة بمجال الأمن الرقمي لم يستثن أية دولة تعتمد في أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على شبكة الأنترنيت لرصد ومجابهة المخاطر والتهديدات المستمرة”.
وجاء في الدراسة الأكاديمية، المعنونة بـ”مكافحة الجريمة السيبرانية بين الجهود الدولية والوطنية”، أن الاستراتيجية المغربية في مجال الأمن السيبراني تبتغي تطوير التعاون في مجال الأمن السيبراني وتنسيق أعمال كل المتدخلين في هذا الموضوع، حيث تم إسناد مهمة الإشراف عليها إلى المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني، مع تكليف المديرية نفسها بضمان الرصد التكنولوجي من أجل متابعة الابتكارات في مجال أمن نظم المعلومات وإحداث نظام للرصد والإنذار المتعلقة بالأحداث المحتمل تأثيرها على أنظمة الأمن داخل الدولة”.
وذكّرت الدراسة بتصنيف الاتحاد الدولي للاتصالات ITU للمغرب ضمن تقريره الدولي لسنة 2020 في الرتبة الخمسين من بين 188 دولة والرتبة السابعة عربيا، بما يؤكد تحديات يواجهها الأمن السيبراني المغربي “وجب ربحها في قادم الأيام”، مواصلا التركيز على جوانب التجربة المغربية في ضمان الأمن السبيراني ومكافحة الجريمة الرقمية، بيّن رشيد العدوني، مُعدُّ الدراسة باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، أن المملكة “شاركت في مبادرة “سيبر جنوب” الأوروبية، والخاصة بالتعاون في مجال مكافحة الجرائم السيبرانية مع دول الجوار في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط والذي تم الإعلان عليه رسميا في مارس 2011 بتونس”، لافتا إلى “حصول المغرب على عضوية منتدى فرق الأمن والاستجابة للحوادث”.
و سجل التعاون المغربي الهندي الثنائي في مجال الأمن الرقمي من خلال توقيع مذكرة تفاهم ثنائية بغرض تبادل الخبرة في مجال تكنولوجيا الأمن السيبراني وتبادل أفضل الممارسات والتكوينات؛ الأمر الذي ينضاف، وفق المصدر ذاته، إلى احتضان المغرب ندوة لقيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا “أفريكوم” حول تيمة الاتصالات والأنظمة المعلوماتية والأمن السيبراني في غشت 2021 وشارك ضمنها مسؤولون عسكريون من 20 دولة أفريقية”.
وجاء ضمن الوثيقة أن “المنظومة التشريعية المغربية تعززت بانضمام المغرب إلى اتفاقية بودابيست في سنة 2018، بما يشكل دليلا على السياسة الاستباقية للمملكة وانخراطها في المجهودات الدولية الرامية إلى منع الجريمة وإرادتها الراسخة لتقوية التعاون الدولي من أجل ذلك؛ وهو ما ينضاف بالأساس إلى دخول حيز التنفيذ القانون رقم 46.13 المتعلق بالمصادقة على الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات”.