فجرت مصطلحات “محاربة الفساد” و”محاربة الرشوة”، الخلاف في ردهات مجلس النواب، وارتفع اللغط السياسي حول المفهوم الحقيقي لمحاربة الفساد والتنزيل السليم للمصطلحات القانونية على ديباجة القانون المنظم للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، حيث شدد مجموعة من البرلمانين بلجنة التشريع المنعقدة مساء الثلاثاء بمجلس النواب، على ضرورة وضع التعريف السليم لمصطلح “محاربة الفساد” وتوضيح الفرق بينه وبين “محاربة الرشوة”.
وأثار نقاش الإستقلالية، خلال مناقشة مشروع قانون رقم 46.19 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، جدلا واسعا، معتبرين أن صيغة القانون التي وضعتها الحكومة بخصوص الاستقلالية ضعيفة، مشددين على ضرورة التنصيص الصريح في التعديلات على كون الهيئة مستقلة، مطالبين بإبتعاد الهيئة عن الجهاز التنفيذي والجهاز الرقابي.
ونبه عبد اللطيف وهبي، عضو لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، بمجلس النواب، الى أنه يجب أن لا يذهب التركيز في البحث عن الكلمات والجمل ويفوتنا ما هو موجود داخل المشروع لأنه هو الأساس والخطير”، مشددا على أن من يحدد الاستقلالية هو الهندسة القانونية التي ستتشكل بها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، إلى جانب الشخص الذي يرأسها، فإن لم يكن مستقلا، وكان ممن ينتظر التعيينات عبر الهاتف، فإن التنصيص على استقلالية الهيئة لن ينفع في شيء”.
وتساءل عبد اللطيف وهبي ،” من سيراقب الهيئة” موضحا أن “مجلس الأعلى للحسابات له الحق في مراقبتها على مستوى أموالها فقط، كما أن مجلس النواب لا يمكنه مراقبة الهيئة لأن علاقته بها هي علاقة حضور وليس مثول، لأن هذا الأخير فيه مساءلة أما الحضور فيه الرأي فقط”.
وأوضح وهبي، أن القضاء سيراقب قرارات الهيئة وليس رقابتها كمؤسسة، وأن الرقابة القانونية تتيح إمكانية الطعن لدى القضاء الإداري في قرارات الهيئة،
وأكد محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، بكون مبدأ الاستقلالية لا يمكن أن يسجل بشأنه أي خلاف بين الحكومة والبرلمان، موضحا، أن الفصل 159 من الدستور واضح عندما نص على استقلالية هيئات الحكامة، مشيرا الى “أن الاستقلال المالي له صبغة خاصة لارتباطه بتدبير الأموال العمومية”.
ودخل القانون لجان المناقشة بالبرلمان، وفتح المجال لتدارس مشروع قانون رقم 46.19، يهدف إلى تأهيل الهيئة في نشر قيم النزاهة والشفافية والوقاية من الرشوة أو في مجال الإسهام في مكافحة الفساد، تطبيقا لمقتضيات الفصل 167 ، ويعكف البرلمان على مناقشة سبل توسيع مهام الهيئة ليشمل محاربة مفهوم الفساد، وذلك عبر إعادة صياغة المقتضيات المتعلقة بتحديد المفهوم والتمييز بين نوعين من أفعال الفساد، ووضع إطار للأفعال التي تشكل جرائم بطبيعتها، للعمل على إحالتها على النيابة العامة المختصة.
وشدد القانون، على عمل مأموري الهيئة في مجال إجراء الأبحاث والتحريات ، وذلك بتمكين الهيئة من آليات اشتغال تستجيب لمتطلبات المهام المنوطة بها، وعلى الخصوص منها الوضع القانوني لمأموريها وصلاحياتهم، والتنصيص على أدائهم اليمين القانونية أمام محكمة الاستئناف بالرباط، مع تكليفهم بعمليات البحث والتحري من قبل رئيس الهيئة وتحت سلطته، وتحرير محاضر بالعمليات المنجزة من قبلهم، وهي محاضر ذات قيمة قانونية، يوثق بها إلى أن يثبت ما يخالفها.
و نص المشروع على تطبيق عقوبات تأديبية وجنائية في حق الأشخاص الذين يقومون بعرقلة عمل الهيئة، بامتناعهم عن الاستجابة لطلباتها دون مبرر قانوني، حيث يهدف مشروع القانون إلى إعادة النظر في اختصاصات أجهزة الهيئة، والتنصيص على تعيين ثلاثة نواب لرئيسها وإحداث لجنة دائمة لدى مجلس الهيئة، تتكون من الرئيس وثلاثة نواب له معينين من قبل مجلسها، تكلف بدراسة ملفات القضايا المتعلقة بحالات الفساد المعروضة ذات الصلة، واتخاذ القرارات المتعلقة بها باسم المجلس، وذلك بإحالة استنتاجاتها وتوصياتها إلى الجهات المعنية بتحريك مسطرة المتابعات الإدارية أو الجنائية، مع اطلاع رئيس الهيئة للمجلس على المعطيات المتعلقة بجميع الملفات التي عرضت على الهيئة أو أحيلت على اللجنة الدائمة.
وأشار النص القانوني الى أن الفساد “أفعال تشكل مخالفات إدارية ومالية تكتسي طابعا خاصا دون أن ترقى إلى درجة تكييفها كجرائم قائمة بذاتها”، مشيرا إلى “تمكين الهيئة من إجراء أبحاث وتحريات وإعداد تقارير تحيلها على السلطات والهيئات المختصة، لتحريك المتابعة التأديبية أو الجنائية حسب الحالة”.
و نص المشروع على مراجعة مهام الهيئة في ضوء أحكام الدستور، و ضرورة قيامها بالبعدين التخليقي والوقائي، من خلال التنصيص على صلاحية الهيئة لاقتراح التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته والآليات والتدابير والإجراءات الكفيلة بتنفيذها على الوجه الأمثل، كما نص المشروع على تطبيق عقوبات تأديبية وجنائية في حق الأشخاص الذين يقومون بعرقلة عمل الهيئة بامتناعهم عن الاستجابة لطلباتها دون مبرر قانوني، و إعادة النظر في اختصاصات أجهزة الهيئة، والتنصيص على تعيين ثلاثة نواب لرئيسها.