كشف محمد عبد النباوي الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن عدد القضايا الرائجة بمحاكم المملكة قد زاد بـ34 بالمائة خلال السنة الماضية مقارنة مع سنة 2020، و أن المحاكم سجلت ما مجموعه 4.611.236 قضية خلال سنة 2021، داعيا إلى دعم السلك القضائي بقضاة جدد خلال السنوات القليلة القادمة، كما استطاع قضاة المملكة، يضيف عبد النباوي، رفع عدد الأحكام بـ44.40 بالمائة مقارنة مع سنة 2020، ومواجهة تحديات تضخم القضايا المسجلة سنة 2021 .
وأكد عبد النباوي، خلال ترؤسه جلسة افتتاح السنة القضائية الجديدة، أن المحاكم بذلت جهودا جبارة للوفاء برسالتها الدستورية، إذ تمكنت من إصدار أحكام في 3.858.046 قضية مختلفة، أي بنسبة 100.02 بالمائة من عدد القضايا الجديدة المسجلة خلال سنة 2021 (3.857.389 قضية، ورغم أن المحاكم تمكنت من تحقيق هذه النسبة الجيدة، يستطرد المتحدث، فإن 753.315 قضية ظلت رائجة بجلسات المحاكم نهاية السنة (16 بالمائة من مجموع الملفات الرائجة خلال السنة)، مشددا على أن هذا العدد غير المسبوق من الملفات الرائجة يؤثر على المؤسسات القضائية، حيث كان نصيب كل واحد من القضاة المكلفين بالأحكام منه يناهز 1800 ملف في السنة.
ولفت، إلى أن اكتظاظ المحاكم بالقضايا قد تجاوز الإمكانيات البشرية المتاحة للجسم القضائي، بحيث أن 89 بالمائة من القضايا تروج أمام محاكم أول درجة (4.126.520 قضية من 4.611.361، كما راج أمام غرفها خلال سنة 2021 ما مجموعه 90.948 قضية، وهو ما يمثل 2 بالمائة من القضايا الرائجة بالمحاكم.
و نو ه عبد النباوي، بقضاة المحكمة مؤكدا أنهم استطاعوا خلال هذه السنة إصدار حوالي 45.304 قرارات بمعدل يناهز 300 قرار لكل مستشار، وهو رقم غير مسبوق ويمثل 92.61 بالمائة من المسجل (48.919 قضية)، أشار إلى أن المحكمة استأنفت أشغالها في مطلع السنة الجارية وفي سجلاتها 45.644 ملفا مخلفا عن السنوات السابقة.
وحذر الرئيس الأول لمحكمة النقض من مواجهة صعوبتين خلال السنة الجارية وفي المستقبل، تتجلى الأولى في تفاقم أجل البت، أما الثانية فتتمثل في كون الضغط العددي للملفات قد يؤثر على جودة القرارات.
و سجل عبد النباوي أن محاكم المملكة عقدت خلال السنة الفارطة، وفي ظل ظرفية الجائحة، 19.700 جلسة عن ب عد، أدرجت بها أكثر من 425.000 قضية، مثل فيها معتقلون أمام المحاكم عن ب عد، لأكثر من 494.760 مرة. وقد مكنت هذه الإجراءات من إصدار أحكام في 145.581 قضية، أي في 34 بالمائة من القضايا المدرجة عبر تقنيات المناظرة عن بعد، التي وفرتها وزارة العدل وبتعاون مع المندوبية العامة لإدارة السجون، وهيئات الدفاع، واعتبر أن عدم إصدار أحكام في هذه القضايا جراء الجائحة كان سيمثل ضررا كبيرا للنظام القضائي، ولاسيما للمعتقلين أنفس هم، الذين تمكنت أعداد كبيرة منهم من معانقة الحرية بعد نهاية هذه الجلسات عن بعد.
من جانب آخر، أبرز عبد النباوي أن “البرنامج المعلوماتي” يعد من الإنجازات الكبرى التي حققها المجلس بتعاون مع محكمة النقض، إذ تم إطلاقه مزامنة مع الجلسة الرسمية لافتتاح السنة القضائية، ويروم نشر الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض على موقعها الإلكتروني.
وسجل أن هذه المبادرة، التي تتحقق اليوم وفقا لتوجهات جلالة الملك، يراد منها توفير الاجتهاد القضائي للجميع وبالمجان، باعتباره إطارا لتحقيق الأمن القضائي وتعميم اتجاهات محكمة النقض. وسيتولى المجلس في المستقبل، بتنسيق مع المحكمة، تطوير البرمجية وإغناء ها بالمقررات القضائية المفيدة.
و أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، مولاي الحسن الداكي، بالرباط، أن “النيابات العامة دعامة أساسية لحفظ النظام العام الاقتصادي وتشجيع الاستثمار، وضمان الأمن القانوني والقضائي.
وأوضح الداكي، في كلمة خلال افتتاح السنة القضائية 2022، أن تحقيق التنمية الشاملة يعد أحد المداخل الأساسية لتنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد، الذي يعتبر القضاء فاعلا أساسيا فيه، من خلال الأدوار التي يمكن أن يقوم بها من أجل خلق مناخ سليم تسوده الثقة والاستقرار وضمان أمن المستثمر في ظل سيادة القانون واستقلال القضاء.
وسجل رئيس النيابة العامة أن “انعقاد هذه الجلسة الرسمية يأتي في سياق تطبعه مجموعة من التحولات العميقة التي تعرفها السلطة القضائية ببلادنا والتي تعرف تنزيل مجموعة من الأوراش والإصلاحات الكبرى، كما يأتي أيضا أياما قليلة على تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية باستقبال الأعضاء العشرة المنتخبين الجدد بالمجلس”.
واعتبر الداكي أن سنة 2021 كانت سنة جيدة ومتميزة بالنسبة لمحكمة النقض، بذل خلالها قضاتها وأطرها جهدا إضافيا وعملا دؤوبا من أجل الحفاظ على المكتسبات السابقة والتقليص من عدد القضايا المخلفة، حيث تم البت في 45304 قضية، أي بزيادة 4743 قضية عن سنة 2020 (40561 قضية)، أي بمعدل يناهز 214 ملفا لكل مستشار في السنة وبمعدل شهري قدره 19 ملفا لكل مستشار. ويرتفع هذا المعدل بالنسبة للمستشارين في الغرفة الجنائية إلى حوالي 31 ملفا شهريا .
وأكد في السياق ذاته، أن تأثير جائحة كورونا قد انعكس على عدد القضايا الجديدة المسجلة خلال سنة 2020، إذ تم تسجيل 31448 قضية، أي أقل بعشرين ألف قضية عن سنة 2019 (عدد القضايا المسجلة بلغ 51591 قضية، متابعا بالقول إن عدد القضايا الرائجة بمحكمة النقض خلال سنة 2020 بلغ 82433 قضية، في حين أن سنة 2021 عرفت ارتفاعا في القضايا الرائجة (90791 قضية، منها 41872 قضية مخلفة عن السنوات السابقة، و48919 قضية مسجلة خلال سنة 2021).
وتطرق، من جانب آخر إلى الإكراهات التي تواجه قضاة وأطر محكمة النقض، وذلك رغم المجهودات الجبارة التي بذلها قضاة وأطر محكمة النقض، بالنظر للارتفاع المضطرد لعدد القضايا المسجلة كل سنة، والذي في حالة إستمراره من المتوقع أن يبلغ خلال سنة 2022 ما يناهز 100 ألف قضية رائجة، أخذا بعين الاعتبار أن المخلف عن السنوات السابقة ناهز، وإلى حدود 31 دجنبر 2021، 45644 قضية.
ومن أجل تجاوز هذه الوضعية، دعا الداكي إلى توفير العدد الكافي من الموارد البشرية وإدخال إصلاحات تشريعية على المقتضيات القانونية المنظمة للطعن بالنقض، وذلك بوضع شروط موضوعية تقيد استعماله لجعله مقتصرا فقط على القضايا المهمة، حتى تمارس محكمة النقض وظيفتها الأصلية في السهر على التطبيق السليم للقانون وتوحيد الاجتهاد القضائي.
وعلى مستوى ترشيد الاعتقال الاحتياطي، سجل الداكي “أن أهم ما طبع السنتين الفارطتين بخصوص تقييم تنفيذ السياسة الجنائية في مجال مكافحة الجريمة، هو الارتفاع الملحوظ في معدلات الاعتقال الاحتياطي، الذي بلغت نسبته لغاية النصف الأول من سنة 2021 حوالي 46 بالمائة، وهو ارتفاع يعزى بالأساس إلى تداعيات جائحة كوفيد 19 ورفض مجموعة من المعتقلين الاحتياطيين لمحاكمتهم عبر تقنية المحاكمة عن بعد، الأمر الذي انعكس سلبا على وتيرة البت في قضاياهم، فضلا عن عدم تعميم اعتماد معايير موحدة في إصدار الأوامر بالاعتقال في بعض الجرائم غير الخطيرة.