في هذا اليوم الممطر غادر دنيا الناس الفانية الصحفي محمد الأشهب. أسلم الروح لبارئها بعد معاناة مع المرض. بهذه الرقدة الأبدية يكون المغرب ودّع واحدا من ألمع الصحفيين. خاتمة جيل مختلف. جيل عشق الصحافة وتعبّد في محرابها. جيل كانت الكتابة لديه قناعة. لم يكن حينها يلج عالم الصحافة إلا من كان كاتبا. كانت مهنة ليست كباقي المهن قبل أن تصبح مثلها مثل باقي المهن أو المحن.
ابن تاونات، الذي رحل للقاء الحي الذي لا يموت، عانق الثقافة بفاس. في حضن حزب الاستقلال اكتشف المسرح قبل أن يكشف عن مواهبه الكبيرة في الكتابة. وبما أنه كاتب التحق بصحيفة العلم، وهي أم الصحف المغربية قبل أن تتقاذفها عوادي الزمن والسياسة.
من العلم انفتحت للصحفي الأشهب أبواب الإعلام والسياسة. تحول من الكتابة إلى ممارسة التواصل السياسي بديوان المعطي بوعبيد. ومنها إلى الميثاق الوطني تم رسالة الأمة والمنبر الليبرالي رفقة الراحلة غيثة البرادلي. ومن اللغات يتقن العربية، التي تفنن فيها، والفرنسية والانجليزية. صحفي مثقف.
اختار معسكره دون طاقية الإخفاء. نزعها باكرا. انحاز للدفاع عن مؤسسات الدولة والوطن. يوم كان الوضوح هو العامل الرئيسي في الممارسة الصحافية. كان اليميني يمينيا واليساري يساريا.
ظهر كألمع صحفي مدافع عن قضية الصحراء وكان مطلعا على ملفاتها العويصة من خلال قربه من دوائر القرار حينها. كان صحفيا مؤمنا أن المعلومة موجودة عند من يمارس الحكم. وهكذا ظهر في دفاعه عن الصحراء. لم يكن صحفيا عشوائيا ولا محللا متطفلا. أي تدخل في أي قناة كان يعد له. مراجعة وثيقة. الاتصال بمسؤول. هكذا كان.
ربما لم يجد ذاته في الأشكال الجديدة للصحافة. لهذا توارى إلى الخلف. قبل حكايات المساء كان كاتب عمود يومي في النهار المغربية.
لم يكن ملاك الصحافة ولم يكن عكس ذلك. كان صحفيا مؤمنا بالمهنة. راكم تجارب عديدة. وها هو الموت في درسه الأكبر يخطفه من بين أهله.
رحمه الله رحمة واسعة.