انطلقت، اليوم الخميس بالرباط، أشغال ندوة دولية حول “البحث في تاريخ المغرب : الحصيلة والآفاق” من تنظيم المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب.
وتسلط أشغال هذه الندوة الرقمية، التي تمتد على مدى يومين ، الضوء على حصيلة وآفاق البحث الأكاديمي في تاريخ المغرب من خلال جلسات موضوعاتية ينشطها مختصون وخبراء وطنيون ودوليون في هذا المجال.
وهكذا، أكدت مديرة الوثائق الملكية، بهيجة سيمو، في مداخلة تحت عنوان” نظم الدولة المغربية وآليات تصريف أحكامها ” خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة ، أن البيعة تعد “المصدر الأول الذي تنبثق منه نظم الدولة في المغرب، وذلك منذ الأدارسة إلى اليوم”.
وبعد أن سلطت الضوء على عراقة الدولة المغربية، أوضحت السيدة سيمو أن “أهمية البيعة تكمن في كونها تؤرخ لأساس من الأسس المتينة التي يقوم عليها الحكم بالمغرب، وتتميز بكونها عقود مكتوبة، حيث تبين نصوص البيعات أن المبايعة مؤسسة تقوم على التعاقد الأساسي بين الحاكم والمحكوم”، لافتة إلى أن الأمر يتعلق بعقد ديمقراطي بامتياز يشتمل على حقوق وواجبات.
وفصلت، في هذا السياق، بين البيعة الكبرى أو العامة وبين البيعات الخاصة، متوقفة عند نماذج من بعض البيعات الصحراوية .
كما توقفت السيدة سيمو، في معالجتها لهذه النظم، عند بعض المصطلحات وكيف تطورت مع تطور مراحل الدولة، مشيرة إلى أن هذا الجهاز السياسي عرف عند المغاربة منذ العهد الموحدي ب”المخزن”.
وأوضحت في هذا الصدد أن هنالك “خلط بين مفهوم الدولة ومفهوم المخزن باعتبار المخزن عند المغاربة هو المصطلح الذي يعبرون به عن السلطة وعن الدولة التي تمارسها وعن الأجهزة المركزية والمحلية، التي بها يضبط الأمن داخليا وخارجيا وتجبى بها الضرائب، وبواسطتها تتم مراقبة التوازن القبلي القائم في المجتمع وبها يدافع عن الوحدة الترابية ، وعن هذا الجهاز تصدر كل القرارات والأحكام وتتم مختلف التعيينات”.
وبعد أن توقفت عند ” التركيبة الدقيقة لهذا الجهاز”، تناولت السيدة سيمو مسألة ممارسة الحكم وأهم آليات تصريفه، لاسيما عبر إصدار المراسيم والظهائر، موضحة أن القرارات السلطانية كانت مكتوبة منذ العهد المرابطي حيث كان يطلق عليها آنذاك “الصك” أو “السجل”.
كما أشارت إلى ظهور “الظهير” خلال العهد الموحدي، موضحة كيف تم توظيفه كآلية هامة لتصريف الأحكام خلال العهد العلوي الشريف، حيث تعاملت الظهائر والرسائل السلطانية مع مختلف نظم الدولة.
واستعرضت السيدة سيمو، في هذا السياق، طرق توظيف الظهير وأنواعه وطرق صياغته ونشره علاوة على دلالته السياسية والدينية.
وخلصت إلى أن “المغرب دولة ذات نظم عريقة وثابتة وراسخة تتصف بالتكامل فيما بينها وبشموليتها وتنوعها في الزمان والمكان، مما أعطاها تميزا خاصا”، لافتة إلى أن هذه النظم عرفت تطورا من دولة إلى أخرى ؛ مع تسارع وتيرة تطورها خلال القرن التاسع عشر نتيجة السياقات والمستجدات التي كان يعيشها المغرب أمام التحديات الدولية المتجسدة في المد الاستعماري والصراع الأوروبي حوله. من جهته، أبرز جامع بيضا، مدير مؤسسة أرشيف المغرب، في عرض بعنوان ” أية مصادر لتاريخ الزمن الراهن بالمغرب؟، أن تخصص تاريخ الزمن الراهن ،الذي يعنى بدراسة التاريخ الحديث والأحداث التي لا زال من الممكن استقصاء تصريحات الشهود والفاعلين الرئيسيين حولها ، لاقى صعوبات في إيجاد موطئ قدم له في الأوساط الجامعية في المغرب.