لا يعني الحجر الصحي الذي أملته قوة قاهرة انزواء المرء إلى ركن من البيت ولعن الظلام والوباء وتزجية الوقت في أمور لا تفيد، في انتظار أن يرخي الليل سدوله وإطلالة يوم جديد، والتطلع إلى انتهاء الحجر بعد حين. ف”الوقت من ذهب إن لم تدركه ذهب”، و”الوقت كنز من ضيعه ضاع”.
ولكي يكون وقت الحجر الصحي فاعلا ومثمرا، ولعله يكون أجدى وأنفع من وقت الأحوال العادية، تعددت مبادرات من جهات شتى سعيا إلى تثمين نعمة الوقت بما يحقق الحسنيين، توفير غذاء للعقل وتمضية الوقت في لحظات إمتاع ومؤانسة بعيدا عن الضغوط والهواجس التي تفرزها الظرفية الحالية.
وهكذا بادرت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية إلى إتاحة طائفة من الكتب الصوتية، يمكن الولوج إليها عبر موقعها على الإنترنت، تتضمن أعمالا لمجموعة من كبار المؤلفين الذين سارت بذكرهم الركبان وخلدوا أعمالا أثرت الأدب العربي، بمن فيهم الجاحظ (البخلاء)، وابن المقفع (كليلة ودمنة)، وابن خلدون (المقدمة)، وطه حسين (الأيام)، ونجيب محفوظ (خان الخليلي).
ووضعت المكتبة الوطنية تحت تصرف القراء أيضا أعمالا لمؤلفين فرنسيين أو مترجمة إلى الفرنسية، تشمل كتاب “Les Misérables” لفيكتور هيغو، و”Hamlet” لويليام شيكسبير، ورواية “Alchimiste” لمؤلفها باولو كويلو، وأيضا “Psychologie des foules” لغوستاف لوبون.
ولكي يكون للأطفال بدورهم نصيب من هذا “الغذاء الروحي”، أتاحت المؤسسة قائمة منتقاة من الروابط تحتوي على كتب صوتية وكتب في صيغة إلكترونية تتغيى تطوير ملكة الإبداع والخيال لدى الناشئة، وتتضمن آلاف القصص التي يمكن مطالعتها عبر الإنترنت أو تنزيلها بالعديد من اللغات.
كما أعلنت المكتبة الوطنية، في مبادرة جديدة، عن تنويع العرض المكتبي وتمكين المنخرطين من الاستفادة من باقات إلكترونية تتضمن آلاف الكتب والمجلات والمواد المرقمنة تتيح للباحثين والطلبة الباحثين والتلاميذ والمهتمين إمكانية الاطلاع على الكتب والمصادر والمراجع في مختلف المجالات والتخصصات العلمية خلال فترة الحجر الصحي. ووضعت المؤسسة كذلك تحت تصرف عموم الطلبة والباحثين، على بوابتها الإلكترونية، قائمة “معتبرة ومميزة” من ناشرين ومكتبات وموردين في مجال البحث والمعرفة يتيحون جل محتوياتهم الإلكترونية أو بعضها، مجانا، وفي صيغة قابلة للتحميل، وذلك ضمن مبادرة حملت عنوان “