قال جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش “خلال الأشهر الأخيرة، يتساءل العديد من الناس عن العلاقات بين المغرب والجزائر؛ وهي علاقات مستقرة، نتطلع لأن تكون أفضل”.
وأضاف جلالته “في هذا الصدد، نؤكد مرة أخرى، لإخواننا الجزائريين، قيادة وشعبا، أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء؛ وكذا الأهمية البالغة، التي نوليها لروابط المحبة والصداقة، والتبادل والتواصل بين شعبينا”.
وسأل الله تعالى أن تعود الأمور إلى طبيعتها، ويتم فـتح الحدود بين بلدينا وشعبينا، الجارين الشقيقين.
هي ثلاث فقرات غنية بالدلالات والمعاني الكبيرة، وليس من باب تكرار الكلام ولكن من باب إقامة الحجة على جيراننا، بل إنه دعوة إلى تجاوز اللحظة التي يعمل البعض على أن يجعلها مشحونة بمستقبل يتعاون فيه الجميع من أجل وحدة مغاربية تعود بالنفع على الجميع.
في الجغرافية السياسية نعرف جيدا معنى مثل هذا الخطاب. ما معنى أن يقول ملك البلاد ورئيسها وقائد قواتها المسلحة ورئيس أركان حربها العامة وممثلها الأسمى وأمير المؤمنين قبل كل شيء إن المغرب لن يكون مصدر شر أو سوء للجزائر؟
هذا الكلام معناه التزام ملكي بسلامة الجزائر وأمنها، وأن المغرب ليس معنيا بإحداث الأذى بالجارة الجزائر، ولكن مهتم بأمنه الوطني والقومي وفق القواعد المعترف بها دوليا.
ويبقى السؤال الملحاح: لماذا يصر جلالة الملك على الدعوة إلى تصفية الشوائب من المنطقة المغاربية وسلامة العلاقات البينية وفتح الحدود وتقديم التزام تاريخي وكبير؟
إن جلالة الملك ما فتيؤ كل وقت وحين يدعو الجزائر إلى علاقات متميزة يفرضها التاريخ والجغرافية والمصير المشترك، ولهذا ركّز جلالته في خطابات العرش المتتالية في السنوات الأخيرة على تخصيص الجزائر بحديث خاص، لأن جلالته الذي آمن بأن إفريقيا لن تتقدم إلا بالاعتماد على نفسها، لا ينبغي أن تبقى معاقة بطبيعة العلاقة مع الجارة الجزائر.
وعندما يتحدث جلالة الملك عن علاقات مستقرة فهو يتحدث عن علاقات طبيعية، لكن المستقبل يفرض علاقات متميزة قادرة على مواجهة التحديات العالمية.