لكبير بلكريم
كان المغاربة على مر التاريخ يحيون الاحتفال بعاشوراء في جو من السمر والمرح بالأحياء الشعبية والقرى والمداشر وكانت أجواء هذا الاحتفال تعمه الفرحة والنشوة والسرور كانت النساء يجلسن في مجموعات متناسقة ومنظمة ليلة الاحتفال يستعملن الدفوف و”الطعارج” يغنين من أهازيج وتراتيل وكلمات ضاربة في التاريخ والأطفال والطفلات يتحلقن بدورهن بجانبهن يستمتعن في جو مفعم بالاحترام حتى ساعات متأخرة من الليل لم يكن لا عون سلطة ولا دركي ،ولا عنصر قوات مساعدة و لا شرطي ولا رجل سلطة ولا وقاية مدنية ولا مستشفيات يستعدون لهذا الاحتفال ويضطرون للعمل بساعات زائدة طيلة الليل، قصد تأمين هذه المناسبة، أو احتمالات وقوع حوادث، وبدورهم كان الرجال يحييون الاحتفال بهذه الليلة بطرق تختلف من منطقة لأخرى ولم يسبق أن سمعنا وقوع حوادث إجرامية أو أحداث .
تبدلت الأحوال و تغير شكل وطقس الاحتفال بعدما أصبح في مخيلة شباب، مراهقين، طائشين، أن الاحتفال هو إضرام النيران بالشوارع والأزقة و إحراق العجلات المطاطية وتوفير متفجرات مستوردة،عبارة عن ما يطلقون عليه الصواريخ والكرنادة، والقنبول، ليتجاوز الأمر ذلك لدرجة يتم صنع وسائل قابلة للانفجار ورش النيران، لتحقيق متعة لديهم وإحساس ب”سوبرمان الدرب” واللجوء لوسائل تشكل خطورة منها تصنيع اشياء قابلة للانفجار بالماء الحارق والمسامير وقارورات الزجاج وكأننا تلك الليلة في حرب أينما وليت وجهك تسمع بالقرب منك صفير صواريخ ذات نيران مشتعلة بمؤخرتها وأصوات انفجارات قوية.
هذا الذي لم يكن لدى الأجيال السابقة على مر تاريخها اصبح اليوم وسيلة، واضطرت المصالح الأمنية والسلطات المحلية مجبرة على الإشتغال على مدى يومين وما يفوق قبل ليلة عاشوراء عن طريق تقديم نصائح لمحلات تغيير وإصلاح العجلات بعدم تركها بالشارع في متناول الأطفال والشباب،كما تحولت تلك الليلة إلى مطاردات وإضرام النيران في بعض المناطق بممتلكات الناس من سيارات وغيرها، وإشعال النيران بالشوارع والأزقة كنوع من التحدي وتحقيق ما يعتبرونه متعة .
حوادث قد تتسبب أحيانا في سقوط وفيات ضحايا التراشقات بالنيران، ليتحول ذلك إلى تفجير غل وحدق وتمرد يستهدف ممتلكات خاصة بالكسر والحريق جراء استعمال للألعاب النارية والمفرقعات التي يشعلها عدد من الشباب بالمنطقة، في إطار الاحتفال بطقوس عاشوراء.
فمن زرع هذا الإحساس السلبي وذو الطابع الإجرامي في أطفالنا وشبابنا،غابت الجمعيات المدنية وتخلت عن دورها التربوي،وغاب مراكز ثقافية تربي و تهذب وتعلم وتثقف، وغاب عنا ذلك الفن الذي يصقل العقول ويربي النفوس ويهدئ العواطف، وحل محل كل ذلك الفن الردي الفن المجيش والمحرض والساقط و زارع التمرد في نفوس الشباب لدرجة أننا أصبحنا نعيش على أخبار انتحارات في صفوف الأطفال، إنه لغريب ومحز في النفس.
ماذا ننتظر من ما يسمونه فنان بين قوسين، بشخص يشرع لاستهلاك المخدرات والإخلال العلني بالحياء علانية، والتغني بكلمات بديئة منحطة ومنها المحرضة على الانتقام من الذات فبالأحرى الغير،ابتلينا بفن يشجع على التخدير و زرع قاموس العهر والدناءة في مخيلة الأطفال واليافعين وتحول ذلك لقدوة، لفائف
مخدرات و وشوم غربية وكلام ساقط.
فمن حرك أجراس التمرد والحقد والعنف ضد الذوات والغير والأنفس وزرع الإحساس باللجوء إلى المخدرات وسط شباب وأطفال فمن كان قدوة ومن حرك أجراس النفوس لنصل إلى هذا المستوى.