في جلسة برلمانية خصصت لمناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات لعام 2023-2024، وجهت النائبة نادية تهامي، باسم فريق التقدم والاشتراكية، انتقادات حادة لأداء الحكومة، مشددة على ضرورة تعزيز الشفافية، ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحسين الحكامة العامة.
وأكدت تهامي، في مداخلتها، أهمية الدور الذي تضطلع به المحاكم المالية في مراقبة التدبير العمومي، لافتة إلى أن المواطنين، بوصفهم دافعي الضرائب، ينتظرون انعكاس السياسات الحكومية على تحسين ظروفهم المعيشية بشكل ملموس.
وحذرت النائبة البرلمانية من تصاعد الاحتقان الاجتماعي، نتيجة ما وصفته بإصرار الحكومة على تجاهل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وارتفاع الأسعار الذي أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما الفئات الهشة والطبقة المتوسطة. وأكدت أن معدلات البطالة في تفاقم مستمر، وسط غياب إجراءات قوية لمواجهتها.
وفي السياق ذاته، انتقدت تهامي استمرار الحكومة في “تطبيعها” مع الممارسات الريعية والاحتكار والفساد، متهمة بعض مكوناتها باستغلال البرامج والموارد العمومية لخدمة أجندات انتخابية مبكرة، في تنافٍ صارخ مع مبادئ الحكامة الجيدة والديمقراطية.
وفيما يتعلق بقطاع الماء، أكدت تهامي ضرورة مواجهة التحديات المرتبطة بالأمن المائي، مشددة على ضبط استهلاك الموارد المائية عبر التصدي لظاهرة سرقة المياه وترشيد استخدامها في القطاع الزراعي، خاصة بالنسبة للزراعات الموجهة للتصدير.
أما على مستوى الاستثمار، فقد أعربت عن قلقها إزاء ضعف تنفيذ استراتيجية تحسين مناخ الأعمال، حيث لم يتجاوز معدل تنفيذها 31%، ما يكرس التراجع في مؤشرات الشفافية والمنافسة. كما تساءلت عن تأخر الحكومة في إخراج المرسوم المتعلق بدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، في وقت يُثار فيه الجدل حول صفقات ضخمة أثارت شبهات تضارب المصالح، أبرزها صفقة محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء.
وفي الشأن الصحي، انتقدت النائبة ما وصفته بـ”تحريف التغطية الصحية عن أهدافها الاجتماعية”، مشيرة إلى أن أكثر من 8 ملايين مواطن لا يزالون خارج هذه التغطية، في ظل ارتفاع كلفة العلاج وضعف الاعتماد على الأدوية الجنيسة.
أما في مجال التعليم، فقد نبهت إلى استمرار ارتفاع معدلات الأمية، حيث لا يزال ربع المغاربة يعانون من هذه الآفة، رغم المبالغ الضخمة التي رُصدت لمحاربتها.
وفي ختام مداخلتها، دعت تهامي المجلس الأعلى للحسابات إلى تكثيف جهوده في رصد الاختلالات، مع تسليط الضوء أيضًا على التجارب الناجحة، خاصة في الجماعات الترابية، لضمان تحقيق حكامة رشيدة تساهم في التنمية المستدامة.