أوضح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن الاستشارة التي قام بها بشأن انتشار الأخبار الزائفة، وشارك فيها أزيد من 76 ألف شخص، أشارت أن 93 في المائة من المشاركين سبق وأن تلقوا معلومات مشكوك في صحتها.
وأشار المجلس في الرأي الذي قدمه، الأربعاء، بشأن الأخبار الزائفة، أن 51 في المائة من المشاركين صرحوا أنهم نشروا بين معارفهم عن غير قصد معلومات زائفة وأخبار مشكوك في صحتها، في حين أفاد 30 في المائة من المشاركين أن المعلومات الرسمية أو الموثوقة تكون إما صعبة المنال أو ناقصة وغير محينة.
وأبرز المجلس أن الدوافع الرئيسية التي تفسر إشاعة الأخبار الزائفة، فهي بحسب المشاركين السعي إلى تحقيق الربح المادي والبحث عن الإثارة، ونشر بعض الأفكار.
وأفاد المجلس أن المشاركين في هذه الاستشارة الموسعة، قد شددوا على ضرورة العمل من أجل تعزيز الحضور المؤسساتي على الأنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، مع التأكيد على أهمية إحداث منصات وطنية للتحقق من المعلومات، كما أوصى المجلس أيضا بدعم المنصات التي تحارب الأخبار الزائفة، وتسعى بشكل كبير إلى التحقق من صدقية المعلومات المنتشرة.
من جهته، أكد رئيس اللجنة الدائمة المكلفة بالمجتمع والإعلام بالمجلس، أمين منير العلوي، أنه في ظل الانتشار الكبير للمعلومات وتطور الصحافة الإلكترونية، إلى جانب ظهور فاعلين جدد في وسائل التواصل الاجتماعي، انتشعت ظاهرة الأخبار الزائفة بوتيرة ت عق د انتشار الأخبار الصحيحة، وسجل العلوي أن الصحافة القوية بمصداقيتها مسؤولة بشكل كبير على التصدي لهذه الظاهرة، مشددا على ضرورة التكوين المستمر للصحافيين، إلى جانب تأهيل المواقع الإلكترونية لمواكبة المستجدات التي يشهدها العالم الرقمي.
و لفت السيد العلوي إلى أهمية تنشئة وتربية الأطفال على الثقافة الإعلامية، مؤكدا أن الآباء وأولياء الأمور مسؤولون على ضبط استخدام أطفالهم للوسائل التكنولوجية. وشدد في ذات السياق، على ضرورة توعية الأسر وإذكاء روح المسؤولية لديها.
واعتبر السيد العلوي أن ارتكاز النظام الاقتصادي للعديد من المواقع والوسائط الرقمية على الربح، هو ما يفسر انتشار ظاهرة “البوز” ونشر عدد كبير من المعلومات لرفع عدد المشاهدات، في غياب الدقة أو التحقق من المعلومات وعلى مستوى البحث العلمي، دعا السيد العلوي إلى وضع برامج للبحث وتطوير آليات للرصد والتصدي لانتشار الأخبار الزائفة بشراكة مع الدولة والمهنيين والجامعات، بالإضافة إلى تعزيز الانخراط في الجهود الدولية لرصد ومكافحة الأخبار الزائفة من أجل مواكبة التطورات التكنولوجية في هذا المجال.
و نظم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لقاء تواصليا من أجل تقديم خلاصات رأيه حول “الأخبار الزائفة: من التضليل الإعلامي إلى المعلومة الموثوقة والمتاحة”.
وقال أحمد رضا الشامي رئيس المجلس في كلمة له باللقاء، إن المجلس يشتغل على جيل جديد من الإشكاليات والقضايا الراهنية التي تحظى أكثر باهتمام الفاعلين والمواطنات والمواطنين، مساهمة منه في إغناء النقاش المؤسساتي حولها، واقتراح توصيات عملية بشأنها.
وأشار أن الأخبار الزائفة قد تأتي في شكل صور أو مقالات أو أرقام أو إشاعات شفوية تتضمن معطيات كاذبة وغير دقيقة أو ناقصة، ويتم تقديمها على أنها صحيحة من أجل تضليل المواطنات والمواطنين، والتأثير على الرأي العام، أو العمل على صناعة رأي عام مزيف.
ولفت إلى أت انتشار الأخبار الزائفة يترتب عنها تداعيات حقوقية وسياسية واقتصادية واجتماعية، تمس حرمة الحياة الخاصة ومصداقية المؤسسات، واستقرار الأسواق والشعور بالأمن والأمان داخل المجتمع، إلى جانب تشكيكها في العقل والعلم والحس السليم خاصة في وقت الأزمات.
وأضاف أن الجميع يتذكر كيف انتشرت الشائعات على شبكات التواصل الاجتماعي خلال جائحة كورونا، بكون الفيروس مجرد خدعة، وأن اللقاحات المضادة له تحتوي على شرائح أو رقائق دقيقة تسمح بتتبع ومراقبة المطعمين، وما خلقته من مخاوف، وهو ما دفع عددا من المواطنين والمواطنات إلى الامتناع عن عملية التلقيح.
وأوضح الشامي أن جلسات الاستماع التي نظمها المجلس نبهت إلى الكثير من مواطن الضعف التي تساهم في انتشار الأخبار الزائفة، منها أن الكثير من الإدارات والمؤسسات العمومية ما تزال لا تنشر أو تحين المعلومات المتعلقة بأنشطتها بكيفية منهجة ومنتظمة، رغم أن قانون الحصول على المعلومات ينص على ذلك، إلى جانب محدودية الموارد المالية والبشرية لقطاع الإعلام العمومي ليطلع بدوره كاملا في التصدي للأخبار الزائفة.
وأبرز أن المجلس يقترح جملة من التوصيات في هذا الصدد، منها ضرورة تأمين الوصول إلى المعلومات الموثوقة، إلى جانب البحث عن سبل محاربة الأخبار الزائفة، وإقرار إلزامية الحق في الحصول على المعلومة، من خلال حث جميع الإدارات والمؤسسات العمومية إلى نشر جميع الوثائق العمومية الرسمية على مواقعها الإلكترونية في غضون 24 ساعة من تاريخ إصدارها، وإحداث بوابة عمومية للتحقق من صحة المعلومات.
ومن بين التوصيات أيضا التي اقترحها المجلس تقديم الدعم المالي لمواقع التحقق من الأخبار من خلال صناديق مستقلة، لضمان حسن سير هذه المواقع والحرص على ضمان مصداقيتها.
و دعا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، بالرباط، إلى إقرار التربية الرقمية في المناهج التعليمية، وإذكاء الحس النقدي لدى مستخدمي الأنترنيت لمحاربة الأخبار الزائفة، ووقف انتشار المعلومات الكاذبة والمضللة.
وأكد الشامي، خلال اللقاء التواصلي الذي خصص لتقديم مخرجات رأي أعد ه المجلس، في إطار الإحالة الذاتية، حول “الأخبار الزائفة: من التضليل الإعلامي إلى المعلومة الموثوقة والمتاحة”، أنه لا بد من تفعيل الحق في الحصول على المعلومات من خلال النشر الاستباقي، إلى جانب تحيينها بشكل منتظم وممنهج، من أجل تجنب “الفجوة” التي يمكن أن تنتج عن غياب المعلومة الصحيحة، وبالتالي نشر أخرى زائفة.
وشدد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على ضرورة تأمين الوصول إلى المعلومة الموثوقة، من خلال إقرار إلزامية نشر جميع الوثائق الرسمية العمومية على موقع الإدارة أو المؤسسة المعنية في غضون 24 ساعة من تاريخ إصدارها.
ولفت الشامي إلى ضرورة إحداث بوابة رقمية للتحقق من المعلومات بخصوص الأخبار الرسمية بالمغرب مع ترصيد المبادرات التي تم إطلاقها على مستوى عدد من المؤسسات الإعلامية، داعيا إلى تقديم الدعم المالي لمواقع “التحقق من المعلومات” من خلال صناديق مستقلة لضمان حيادها وتعزيز مصداقيتها وأضاف الشامي، أن العمل المشترك على مواجهة الأخبار الزائفة مسؤولية لا تستثني أي فاعل، مبرزا في هذا الإطار ضرورة إثارة انتباه المواطنين من خلال مختلف وسائل الإعلام إلى مخاطر الأخبار الزائفة، مع استهداف الأطفال والمراهقين والمسنين وغير المتعلمين، على وجه التحديد.
وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أعد هذا الرأي بناء على خلاصات جلسات استماع نظمها مع مجموعة من الفاعلين والخبراء، إلى جانب نتائج الاستشارة المواط نة التي أطلقها على منصته الرقمية “أشارك”، والتي بلغ التفاعل معها 75372 تفاعلا، ضمنها 626 إجابة على الاستبيان، الذي أفاد 93 في المائة من المشاركين فيه بأنه سبق لهم أن تلق وا معلومات مشكوك في مضمونها.
واعتبر أزيد من 70 في المائة من المشاركين أن المعلومة الرسمية والموثوقة تكون إما “صعبة المنال أو ناقصة وغير م حي نة”، وشددوا على ضرورة تعزيز الحضور المؤسساتي على الأنترنيت وفي شبكات التواصل الاجتماعي مع التأكيد على إحداث منصات وطنية للتحقق من المعلومة.