إذا كان وباء كوفيد -19 أدى إلى بروز عدد قليل من العمليات الإنسانية النادرة حول العالم ، فإن المساعدات الطبية التي منحتها المملكة لبلدان من جهات القارة الأربع ، تظل بالنظر إلى حجمها والمجال الواسع الذي شملته ، التفاتة إنسانية ذات رمزية قوية للأخوة والتضامن.
واعتبارا لكون الجائحة تميزت بشموليتها ، فقد أحدث الخطر الفيروسي شعورا بالقلق في كل مكان ، مع ترجيح كفة الفردانية والحمائية في إدارة التهديد وآثار الأزمة . وفي خضم هذه الأزمة الوبائية ، أطلق المغرب التفاتته التضامنية.
هذه المبادرة الملكية المهمة ، التي تعكس رؤية جلالة الملك تجاه افريقيا والاهتمام الخاص الذي يوليه لتعزيز التعاون الإفريقي في مجال مكافحة جائحة كوفيد -19 والوقاية منها ، همت نقل وتسليم كميات مهمة من المعدات ومنتجات الوقاية والحماية وكذلك الأدوية وذلك عبر جسور جوية .
بعد أشهر ، لا تزال أزمة الوباء قائمة . ويستعد المغرب ، الذي أبان عن تدبير ممتاز لمراحل كوفيد 19 ، حاليا لإطلاق عملية تلقيح ضخمة ضد فيروس ” كورونا ” المستجد.
وفي 9 نونبر الماضي ، ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، لهذه الغاية ، جلسة عمل خصصت لاستراتيجية التلقيح ضد كوفيد -19 ، وهي عملية وطنية ذات نطاق غير مسبوق ، تهدف إلى استفادة الساكنة من لقاح كوسيلة مناسبة للتحصين ضد الفيروس والحد من تفشيه.
على هذا المستوى أيضا ، يعتزم المغرب ، الذي احتل مرتبة متقدمة في التزود بلقاح لمكافحة كوفيد -19 ، بفضل المبادرة والانخراط الشخصي لجلالة الملك نتج عنهما مشاركة ناجحة للمملكة في التجارب السريرية ، جعل البلدان الإفريقية تستفيد من اللقاحات المنتجة في مختبراتها.
ومن خلال توقيعها اتفاقية شراكة مع العملاق الصيني ،” سينوفارم ” ، تكون المملكة ، فعلا ، قد احتلت مكانة بارزة في سباق إنتاج اللقاح . وأوضح وزير الصحة خالد آيت الطالب في تصريح لوسائل الاعلام في هذا الصدد ، أن “تجربة اللقاح تم تقديمها في المغرب ضمن إطار شامل للتعاون الاستراتيجي الذي يشمل تجربة اللقاح نفسه ، والتزويد ، وكذلك نقل التكنولوجيا حتى تصبح البلاد منتجة للقاحات”. وهكذا ، ففي مرحلة التلقيح أيضا ، تجلت رغبة المغرب في استفادة القارة وتوفير اللقاحات، بارزة للعيان كما أن صناعة الأدوية المغربية ، التي تعد من بين أكثر الصناعات ديناميكية في القارة ، لديها الوسائل الكفيلة لتحقيق هذا الطموح النبيل .
ويمكن القول أنه في ظل التحديات الكبيرة والعمليات المهمة لمواجهة كوفيد 19 الذي لا يزال يمثل تحديا ملحا ، يواصل المغرب العمل والقيام بعمليات تضامنية كبيرة تجاه إفريقيا لتوطيد زخم التعاون القائم بين بلدان جنوب – جنوب الواعد والمفيد لشركاء المملكة.
شكلت مبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لتقديم مساعدات طبية قصد دعم الدول الإفريقية الشقيقة في جهودها لمكافحة وباء (كوفيد-19) حدثا بارزا بالقارة خلال سنة 2020 التي توشك على الانقضاء، ثمنت العواصم الإفريقية فيه عاليا “سلوكا ملكيا للتضامن الإفريقي-الإفريقي”.
فمع بدء انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد في القارة، كان صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أعطى تعليماته السامية لتقديم مساعدات طبية للعديد من الدول الإفريقية الشقيقة.
ويندرج هذا العمل التضامني في إطار تفعيل المبادرة التي أطلقها صاحب الجلالة، نصره الله، في 13 أبريل 2020، باعتبارها نهجا براغماتيا وموجها نحو العمل، لفائدة البلدان الإفريقية الشقيقة، وتمكن من تقاسم التجارب والممارسات الفضلى وتتوخى إرساء إطار عملي لمواكبة جهود هذه البلدان في مختلف مراحل تدبير الجائحة.
وجسدت هذا العمل الملموس للتضامن بين الدول الإفريقية، على نحو واضح، الالتزام الإفريقي للمملكة في إطار رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل ” إقلاع إفريقيا جديدة: إفريقيا قوية وجريئة، تدافع عن مصالحها، وإفريقيا مؤثرة في محفل الأمم”.
كما أكدت هذه الالتفاتة الملكية إيمان المغرب بالعمل الإفريقي المشترك الذي يضع المصالح الحيوية للقارة والمواطن الإفريقي في صلب انشغالاتها.
وهكذا، تم إطلاق عملية إنسانية واسعة النطاق عبر جسور جوية لنقل شحنات مهمة من التجهيزات والمعدات الطبية، ومنتجات الحماية والوقاية، وكميات كبيرة من الأدوية إلى جميع مناطق القارة.
ويتعلق الأمر هنا بعملية إنسانية للمملكة تجاه الدول الإفريقية الشقيقة تم تثمينها عاليا من لدن كبار مسؤولي الاتحاد الإفريقي، ومفوضيه، والسفراء الممثلين الدائمين للدول الإفريقية لدى الاتحاد الإفريقي، وكذا من قبل مدير المركز الإفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها الذي نوه بمبادرة جلالة الملك باعتبارها “عملا مفعما بالروح الإفريقية” و “نموذجا للتضامن الإفريقي- الإفريقي”.
وفي هذا الصدد، كانت مفوضة الشؤون السياسية بمفوضية الاتحاد الإفريقي، ة ميناتا ساميتي سيسوما، قد أكدت إن المبادرة الملكية تعكس حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس على إعلاء قيم التضامن الإفريقي بغية إيجاد حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية.
وأضافت أن المساعدات الطبية المغربية هي “منتجات مصنعة بإفريقيا، في المملكة. وكوفيد-19 منحنا الفرصة لنعاين كيف أن إفريقيا قادرة بنفسها على تصنيع المعدات الطبية بغية مواجهة هذه الجائحة”.
من جانبها، كانت مفوضة الاتحاد الإفريقي للبنيات التحتية والطاقة، أماني أبو زيد، أكدت أن التضامن مع إفريقيا ليس بالأمر الجديد على الإطلاق على صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي لا يفتأ يقدم الدعم للبلدان الإفريقية.
وأوضحت أن “المغرب يضرب، مرة أخرى، مثالا للتضامن الإفريقي – الإفريقي الذي يشكل في نهاية المطاف، المهمة الرئيسية للاتحاد الإفريقي: التكامل الإفريقي والتضامن بين بلدان القارة”.
بدوره، أكد مفوض الاتحاد الإفريقي للتجارة والصناعة، ألبرت موشانغا، أن هذه المبادرة الملكية “تبعث برسالة مفادها أننا نستطيع، من خلال الوحدة، تخفيف هذه المشاكل”.
أما مفوضة الاتحاد الإفريقي للاقتصاد القروي والزراعة، جوزيفا ليونيل كوريا ساكو، فذكرت أن هذه المبادرة الملكية “لها وقع طيب في قلب كل إفريقي”.
من جهتهم، أشاد السفراء الممثلون الدائمون للعديد من الدول الإفريقية لدى الاتحاد الإفريقي بالمبادرة الملكية معبرين عن “عميق الامتنان” لجلالة الملك لهذه “الالتفاتة التي لا تقدر بثمن تجاه الأشقاء والشقيقات في إفريقيا”.