إدريس عدار
قد يكون التصويت العقابي شكلا من أشكال ممارسة الرقابة على الأحزاب السياسية، التي تمارس السياسة كحرفة للوصول إلى الحكومة. لكن هل التصويت العقابي ممكن دون تدخل آليات أخرى. لا يمكن أن ننفي أنه أساسا مرتبط بالمرحلة التي دبّر بها حزب أو تحالف حكومي الشأن العام. التصويت العقابي يكون دائما مرتبطا بمزاج عام يرى فيمن سيّر شؤونه أنه مارس عليه القهر. طبعا من غير المفهوم أن لاعبين في الفريق نفسه يتم منح “الجزاء” لواحد و”العقاب” للثاني.
غير أن هذا ليس هو موضوع هذه الكتابة. بغض النظر عن العوامل الخارجية التي تتدخل في صناعة رأي عام غاضب وحتى حاقد أحيانا، فإن العوامل الذاتية موجودة أيضا، وبغض النظر عن كل ذلك فإن التصويت العقابي كآلية هل هو كاف؟
كل حزب هو اليوم تهمه نتيجته أكثر من أي شيء آخر. الفائزون يعدون العدة للمشاركة في الحكومة وكأن المعارضة “عار وعيب”. والساقطون يحتاجون لكثير من الوقت لإقناع قواعدهم. وسوف يتشكل تحالف حكومي، ولن يستطيع أحد فرض برنامجه، ولكن يتم التوافق عليه وفق ترتيبات متعلقة بقوة كل حزب عدديا وسياسيا.
لكن الأحزاب التي تقود الحكومة قد تفشل في تدبير الشأن العام، وقد يظهر فشلها وعوارها منذ البداية. غير أن الناخب لا يمتلك اليوم سوى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن احتجاجه، في انتظار أن يمارس تصويته العقابي بعد مرور خمس سنوات. زمن كبير نحتاجه لنعبر عن سخطنا لكن “بعد خراب مالطة”.
ما بين التصويت والتصويت العقابي مسافة زمنية “يموت فيها الذي يموت ويحيى فيها الذي يحيى”. قبل التصويت العقابي يمكن أن نتعرض لعقاب جماعي. حكومة تصدر قوانين قمة في الإجحاف الاجتماعي وعنوانا للمكر والخديعة يستفيد منها البعض، وقوانين ترهن المواطن لتقلبات السوق وتلهب الأسعار، ولكن ينبغي أن يصبر الناخب خمس سنوات كي يمارس حقه في التصويت العقابي.
قضية الحق في التصويت العقابي ليست شأنا مغربيا ولكنه شأن ديمقراطي، فحتى في الديمقراطيات العريقة فإن هذه الأخيرة تمنحك حق التصويت الانتخابي لكن إذا الذين فازوا خلفوا عهودهم ما عليك سوى انتظار المدة الزمنية التي حددها القانون للمؤسسة المنتخبة. وبالتالي يبقى الإشكال مطروحا، خصوصا في البلدان التي ليست فيها أدوات رقابة قوية.
يمكن للحكومة أن تتخذ قرارات قمة في الإنهاك الاجتماعي، وقد تبرر ذلك بالعديد من الحجج والأدلة، ولكن على المواطن أن ينتظر خمس سنوات كي يصوت عقابيا، وقد يتم استغفاله كي يمنح الحزب الذي يقود الحكومة فرصة ثانية لتنفيذ برنامجه لنكتشف بعد عشر سنوات أننا كنا ضحية وأن التكلفة الاجتماعية للرهانات السياسية كانت كبيرة وثقيلة جدا.
التصويت العقابي لن يكون مجديا إلا بالتوازي مع مؤسسات رقابية قوية ومتمكنة من أدوات الردع.