قريبا سيتم الشروع في جمع التوقيعات من أجل تقديم ملتمس الرقابة من قبل فرق المعارضة بمجلس النواب، ويهدف ملتمس الرقابة إلى محاكمة السياسات العامة للحكومة قصد إسقاطها، ويحتاج مقدموها إلى خمس عدد النواب من التوقيعات، وهو ما يظهر أنه بإمكان المعارضة تحقيقه، لكن في حدود أن يبقى الملتمس مجرد نضال منبري لفضح سياسات الحكومة.
غير أن السؤال المطروح: هل الأغلبية على قلب رجل واحد؟
يوجد داخل الأغلبية عدد لا بأس به من البرلمانيين غير الراضين عن السياسات العامة للحكومة.
بعض البرلمانيين رغم انتمائهم للأغلبية لكن حتى من الناحية المصلحية الذاتية يوجدون على النقيض مما تقره الحكومة، أو من القوانين التي تقدمها وتصادق عليها الأغلبية في البرلمان ويتضررون منها، وخصوصا من التجار المتوسطين والصغار، الذين وجدوا أنفسهم داخل الأغلبية.
وبعض البرلمانيين ممتعضون من سياسات الحكومة ويقولون في المجالس الخاصة والمنتديات وصالونات الرباط، إنهم غير متفقين مع سياسات الحكومة، التي تقوم على خدمة مصالح “تجمع المصالح الكبرى”، لكن داخل قاعة المجلس يجدون أنفسهم إما محرجين وإما خائفين.
محرجون من زملائهم في الأغلبية، وبالتالي يقومون بالتصويت لفائدة مشاريع قوانين هم ضدها من الأساس، وبعضهم خائفون من الإجراءات التي يمكن أن تطالهم خصوصا من وزارات مهمة يمكن أن تقوم بالتأثير على أنشطتهم المختلفة.
لكن إلى متى ستبقى الأغلبية في البرلمان رهينة للأغلبية في الحكومة. المفروض العكس هو الصحيح، لأن المنطق يقول إن الأغلبية البرلمانية هي التي أفرزت الأغلبية الحكومية، وهذا الارتهان غير ذي معنى بتاتا.
لقد تحولت الأغلبية البرلمانية إلى مجرد تكتل من البرلمانيين دوره التصويت على مشاريع قوانين تتقدم بها الحكومة، وسبق لأحد برلمانيي الأغلبية أن فاه بذلك أمام برلماني من المعارضة قائلا له: مهما فعلتم في النهاية نحن نصوت ويمر المشروع، وهذا الأمر قاتل للديمقراطية، لأن تحويل أكبر تكتل برلماني إلى مجرد آلية للتصويت هو تحريف للمؤسسة عن أهدافها.
ليس دور البرلمان هو رفع الأيدي للتصويت ولكن وضعهم الدستور في أهم مستوى من مستويات السياسة العامة للبلاد، باعتبار أن المؤسسة البرلمانية، هي المؤسسة التي تصدر منها التشريعات، وهي المؤسسة الكفيلة بالرقابة على عمل الحكومة برئيسها ووزرائها، فأي رقابة سيقوم بها برلماني يعتبر نفسه مجرد مأمور بالتصويت؟
لكن هذا الغضب الذي يعتمل وسط صدور كثير من برلمانيي الأغلبية، ألا يمكن أن ينضاف إلى إرادة المعارضة في إسقاط الحكومة؟
مادام برلمانيون من الأغلبية لم يعودوا يتحملون القرارات الصادرة عن الحكومة، والتي يتم تمريرها من البرلمان، فلماذا لا يضمون أصواتهم إلى أصوات المعارضة وحينها يمكن إسقاط الحكومة، وحتى إذا لم يتم إسقاطها يتم نزع آخر ورقة تحتكم إليها ألا وهي الأغلبية العددية، لأن انضمامهم سيحسب على البرلمانيين المطالبين بإسقاط الحكومة، باعتبار عملية الإحصاء تشمل فقط من مع ملتمس الرقابة؟