في خطوة تُكرّس المنحى المتشدد الذي تتخذه الحكومة الهولندية في ملف الهجرة، صادق مجلس النواب، مساء الخميس، على مشروعي قانونين يقيدان بشكل غير مسبوق حقوق طالبي اللجوء، في ظل جدل محتدم داخل الأوساط السياسية والحقوقية.
ويأتي هذا التصويت وسط انقسام عميق بين الأحزاب، خصوصاً بعد إدراج تعديل مفاجئ في اللحظات الأخيرة يقضي بتجريم تقديم المساعدة للمهاجرين غير النظاميين، ما دفع الحزب الديمقراطي المسيحي إلى سحب دعمه من النص، متسبباً في تصدع التوافق الذي كان يرافق مناقشة هذه الحزمة التشريعية الحساسة.
وينص المشروع الأول على تقليص مدة تصاريح الإقامة المؤقتة للاجئين من خمس سنوات إلى ثلاث، بينما يتيح الثاني تعليق إصدار تصاريح جديدة بشكل مفتوح، إضافة إلى فرض قيود صارمة على عمليات لمّ شمل الأسر، ما اعتبرته منظمات إنسانية ضرباً صريحاً للحق في الحماية العائلية.
وقد عبرت هيئات حقوقية هولندية ودولية عن “قلق بالغ” إزاء ما وصفته بـ”الانحراف عن الالتزامات الأخلاقية والقانونية تجاه اللاجئين”، في وقت يتزايد فيه الخطاب الشعبوي المعادي للهجرة في البلاد.
ومن المنتظر أن تُحال هذه النصوص إلى مجلس الشيوخ بعد انتهاء العطلة الصيفية، حيث من المرجح أن تواجه مقاومة من بعض الأحزاب التي عبّرت عن تحفظها على الأبعاد الإنسانية والسياسية للتعديلات.
ويُخشى أن يؤدي تجريم تقديم المساعدة للمهاجرين إلى تجفيف قنوات التضامن المجتمعي، وإثارة موجة من الملاحقات ضد ناشطين وأفراد يقدمون دعماً إنسانياً لمن هم في وضعية هشاشة، في تناقض صارخ مع الأعراف الأوروبية ومعايير حقوق الإنسان.
ويعكس هذا المسار التشريعي الأخير في هولندا صعودا لافتا لقوى اليمين المتطرف، التي باتت تؤثر بشكل مباشر في صياغة السياسات العامة، لا سيما في ملفات اللجوء والهجرة، ما ينبئ بتحول جذري في التوجهات الإنسانية لبلد لطالما قُدّم كوجه تقدمي في أوروبا.