تخلص مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، بسهولة من أسئلة الصحفيين حول فضيحة وزير العدل عبد اللطيف وهبي، المتعلقة بامتحانات الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، وبدل أن يعطي جوابا وضع الكرة في مرمى الوزير قائلا “بعد ساعات سيعطي وهبي تصريحا يوضح فيه كافة الأمور”، وانتظر المعنيون بالأمر ساعات أطول، وغلىا حدود كتابة هذه الافتتاحية لم يصرح الوزير المعني، سوى أنه قال “لن أقدم استقالتي وما زلت أمارس مهامي”.
نعرف أن الوزير في المغرب ليس من حقه تقديم استقالته وإنما يتقدم بطلب إعفاء يرفعه رئيس الحكومة إلى جلالة الملك للنظر فيه. وهذا الأمر غير مطروح لكن المطروح هو تخلص الوزير بايتاس من سؤال يهم الحكومة.
لا معنى لأن يقوم الناطق الرسمي باسم بالحكومة لإحالة الصحفيين على الوزير وهبي، الذي سبق أن قدم تصريحات، وياليته ما فعل، فهي التصريحات التي ورطته وورطت الحكومة، فالمعني بالاختيار هي اللجنة المشرفة وليس الوزير، لكن أدخل نفسه في الممر الضيق فاشتد عليه الخناق.
لكن نحن نفهم من تصريح بايتاس، الذي تبين أنه غير صادق فيما قال، يحمل معنيين. الأول هو أن الحكومة غير قادرة على تحمل مسؤوليتها في نازلة تهمها مجتمعة في إطار التضامن الحكومي. فوهبي قد صرح وقال ما قال، لكننا نريد موقف الحكومة.
التضامن الحكومي يقتضي واحد من أمرين: إما التضامن مع وهبي في هذه الشدة، غما البراءة منه، أما المنزلة بين المنزلتين فهو أمر غير لائق، وهو استهتار بالشعب وبالناخبين، فمهمة الناطق الرسمي هو نقل مواقف الحكومة إلى الشارع وليس التخلص من الأجوبة، وكان على الأقل أن يوضح للصحفيين أن الحكومة لم تتداول في الموضوع.
ويبدو أن الحكومة من خلال سلوك الناطق الرسمي تركت وهبي “يعوم ببحره” لوحده ويتحمل نتائج ورطته، التي قد تكلف مساره السياسي بالكامل، وهذا هو المعنى الثاني، أي أن الحكومة رفعت الغطاء عن وزير العدل، وهذا ما يفسر هجوم الذباب الالكتروني التابع لحزب الحمامة والمواقع الرقمية المحسوبة على أخنوش في وقت واحد على وهبي وبنفس النغمة، بمعنى أن مصدرها هو رئيس الحكومة ورئيس حزب الحمامة، الذي يسعى ربما للتخلص من حزب التراكتور وهذا ما تعززه تسريبات موثوقة المصدر.
التضامن الحكومي لا يعني فقط الدفاع عن الوزير ولكن أيضا البراءة منه في انتظار التخلص منه، لكن حكومة أخنوش سكتت عن الكلام المباح وتهربت من الحقيقة، التي أضحت اليوم معروفة هي أن هناك توجه أخنوشي للتخلص من وهبي ورفاقه وقد تكون أخطاء الوزير وسلوكه الاستعلائي هي الفرصة السانحة لطرده خارج الحكومة وإعلان نهايته السياسية كزعيم حزب سياسي لم يكن من مؤسسيه بتاتا ولا كان عضوا فيه في البداية. والصمت الرهيب الذي تلتزمه هيئات تضم المحامين يفسر أن المقصود هو وهبي وحزبه وإلا لو تم النطق لانفجر التحالف خصوصا وأن حزب الاستقلال معني أيضا بالقضية من خلال محامين منتمين إليه.