بمناسبة 11 يناير، ذكرى تقديم وثيقة المطالبة باستقلال المغرب وجلاء قوات الحماية الفرنسية عن هذا البلد، وتقديم وثيقة مماثلة بالشمال قصد خروج الاحتلال الإسباني، قام مجموعة من الأشخاص بتوقيع عريضة أطلقوا عليها وثيقة 11 يناير للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
المقارنة بين الوثيقتين مهمة جدا. هناك تشابه في الخط المكتوب به توقيعات الوثيقتين، وهذا خلط عجيب، حتى يتم منح الوثيقة الجديدة القيمة نفسها التي حازتها الوثيقة الأولى، لم يغير أصحابها خصائص كتابة الوثيقة لكن بمعاني ملتبسة.
أصغر الموقعين سنا على وثيقة المطالبة بالاستقلال، القائد الاتحادي العظيم المهدي بنبركة، وضمت أسماء وازنة في تاريخ المغرب، اسماء شكلت الوعي التاريخي للحركة الاستقلالية في المغرب مع مغرب عهد الحماية، وكانت على تنسيق تام بالمغفور له محمد الخامس.
في الوثيقة الجديدة هناك أسماء لا يمكن الاتفاق عليها حتى بين رواد مقهى، ناهيك أن تكون محط إجماع وتمثيل للمغاربة.
وثيقة الاستقلال تمت باسم المغاربة، ومن يمثلهم أي الحركة الوطنية. فهل يزعم أصحاب الوثيقة الجديدة أنهم أيضا يمثلون المغاربة؟
عندما تقف عند أسماء الوثيقة الأولى تصاب بالقشعريرة، خصوصا أن التوقيع حينها قد يعني التقديم أمام المحكمة الفرنسية وتلفيق تهمة الخيانة العظمى والحكم بالإعدام.
أما اليوم فيمكن أن تعثر من ضمن الموقعين على الوثيقة، التي تحولت إلى عريضة يمكن التوقيع عليها إلكترونيا، (يمكن) أن تعثر على اسم واحدة متهمة سابقا بالإحهاض وتم الحكم عليها بسنة سجنا نافذا وخرجت من السجن بعفو ملكي، يعني لا براءة في الموضوع، وتعثر على اسم شخص متورط في لهف أموال الدعم الأجنبي حيث أسس شركة غامضة تحت اسم مركز دراسات وجلب بواسطتها الملايين، مع العلم أنه لا حق للشركات في ذلك، وما زال متابعا في هذا الملف، وتضم أحمد الزفزافي، الذي يتاجر في اسم ابنه وجعل منه سجلا تجاريا، ويضم مناضلة ترأست تنسيقية جهوية لحقوق الإنسان اتهمها الاتحاد الأوروبي باختلاس أموال الدعم.
هل قدرنا أن ننزل من أحمد بلا فريج والمهدي بنبركة وغيرهم إلى هاته الأسماء المشكوك في صدقها؟ ما الذي وقع حتى تتحول النضالات من قضايا كبرى إلى مجرد تحرش بالمؤسسات؟
الوثيقة الأولى كانت تدافع عن استقلال المغرب وخروج القوات الأجنبية، وطالبت بأمور عظمى، والوثيقة الحالية تطالب بحرية التعبير لمول الكسكيطة، الذي بعد أن أشبع دماغه، خرج يسب المغاربة قاطبة كبيرهم وصغيرهم ووصفهم بالحمير، وتطالب بالحرية للرابور الكناوي، الذي بت لايف على مواقع التواصل الاجتماعي يصف أمهات وزوجات رجال الأمن بالعاهرات.
خديجة الرياضي أبرز الموقعات طالبت بالحرية لولاد الشعب. أولاد الشعب مفهوم نضالي جديد يعني الدفاع عن كل الموجودين في مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يحترفون السب والشتم في حق المؤسسات ويردون عائدات كبيرة من وراء ذلك..
بكلمة واحدة لقد سطوا على التاريخ وقرصنوا وثيقة 11 يناير.