كشف رئيس الحكومة، أن “المؤسسات الجامعية بالمغرب، تحيط بها العديد من مظاهر المحدودية، المرتبطة أساسا بمستوى المردودية ونقص الموارد البشرية، ناهيك عن بعض التحديات الاستراتيجية وعلى رأسها الهدر الجامعي”، وأضاف أخنوش في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، بمجلس النواب، التي همت موضوع التعليم العالي، أن نسبة من حصلوا على الدبلوم الجامعي في السنة الماضية تصل إلى حدود 49 في المائة فقط، ناهيك عن ارتفاع نسبة البطالة في صفوف خريجي الجامعات بنسبة 18.7 في المائة، خاصة بنظام الاستقطاب المفتوح، وسجل أن نسبة التأطير البيداغوجي سجلت أقل من المؤشرات المتعارف عليها عالميا، بمعدل أستاذ واحد لحوالي 120 طالبا في كليات الاستقطاب المفتوح.
وأوضح رئيس الحكومة أن 1200 من أجود الأطر التدريسية في الجامعات سيحالون على التقاعد في أفق 2026، وانتقد أخنوش انغلاق المنظومة التعليمية، وعدم تماشيها مع أولويات التنمية على المستويين الجهوي والوطني، إضافة إلى تدني جودة البحث العلمي سواء من حيث ضعف الميزانية المخصصة له التي لم تتجاوز 1.6 في المائة من الميزانية العامة خلال سنتي 2021 و 2022، أو من حيث حجم الباحثين الذين لا يتجاوز عددهم 1708 باحثا وباحثة لكن مليون نسمة، مقابل 19 ألف باحث لكل ألف نسمة في البرازيل على سبيل المثال.
من جهته قال رشيد حموني رئيس الفريق النيابي لحزب “التقدم والاشتراكية” إن إصلاح التعليم العالي مسار عابر للحكومات، بل هي قضية مصيرية للمجتمع، وأضاف حموني في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، الاثنين بمجلس النواب، أن “الحكومة الحالية وجدت شيئا ما الطريقة معبدة أمامها، بتوفرها على وثيقة النموذج التنموي، واستراتيجية الإصلاح أفق 2030، ثم القانون الإطار”.
وأشار أن الحكومة أعلنت في التزاماتها الحكومية بتصنيف المغرب ضمن أحسن 60 دولة في مستوى التعليم، وتجديد البنيات التعليمية الجامعية، ودعم خريجي الجامعات في مجال التشغيل وخلق المقاولات، وإلى غاية الآن مازلنا ننتظر، وتابع ” مرت سنتان ولم نرى إنجازات كبيرة للحكومة، فصحيح أن إصلاح التعليم العالي ليس بالأمر السهل، لكن على الأقل كان يجب أن تظهر بعض المؤشرات التي تبين أن هناك إصلاح”.
وأكد حموني أن المغرب بحاجة إلى نموذج جامعي بمعايير دولية، وبما يتيح الارتقاء الفكري للطلبة، وإعدادهم لعالم المستقبل، وهذا لن يتأتى إلا من خلال الانتقال من منطق التدبير المشترك، إلى الاستقلالية الفعالة والمسؤولة للجامعة، مع إرساء قواعد حسن الأداء.
و قالت نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد إن تاريخ إصلاح التعليم هو تاريخ الصراع السياسي في المغرب، وبناء الديمقراطية وفي صلبها “الجامعة الديمقراطية والبحث العلمي”.
وأشارت منيب في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة بمجلس النواب، الاثنين، أن موضوع إصلاح التعليم كان يجب أن يناقش كأولوية منذ زمان بالبرلمان، وأكدت أن جميع الاستراتيجيات والمخططات التنموية لا يمكن أن تنجح في ظل واقع الجامعة المغربية العمومية، التي وجهت لها أسلحة الدمار الشامل، على حد تعبيرها.
وذكرت أن حزبها سبق وقدم مذكرة شاملة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بشأن إصلاح التعليم، مؤكدة أنه بدون النهوض بأوضاع الأساتذة الباحثين لا يمكن أن ننجح في إصلاح أحوال الجامعة المغربية.
و قال الحبيب المالكي رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب لم تواكبها في الوقت المناسب الإصلاحات اللازمة للجامعة وهو ما انعكس على قدرة الجامعة على مواصلة دورها في تكوين الأطر.
ونبه المالكي في كلمة ألقيت بالنيابة عنه خلال ندوة “كليات الحقوق بالمغرب أفقا للتفكير” نظمتها كلية الحقوق السويسي بالرباط إلى أن التطور الكمي الهائل للطلبة على مر السنين لم تواكبه إجراءات تساهم في تطوير جودة التكوين والبحث.
وأضاف المالكي أن الجامعة كانت فاعلة ومواكبة للتحولات الجذرية التي تمس البنى الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، لكن التغيير العميق الذي مس ديمغرافية المجتمع المغربي وسياق ثورة العلوم والتقنيات، كان له أثر بالغ على دور الجامعات في التأطير والتكوين والبحث بنفس المعايير التي كانت سائدة في السابق.
وأكد أن التحولات التي رافقت المجتمع المغربي في العشريات الأخيرة، أدت إلى ظهور جوانب الضعف في النظريات والأبحاث في العلوم الاجتماعية والقانونية.
ومن جملة المعيقات التي تعانيها الجامعة المغربية، حسب المالكي، النقص في الموارد البشرية والمالية المخصصة لها، وارتفاع معدل إشراف الأساتذة على الطلبة، الذي يبلغ أزيد من 100 طالب لكل أستاذ في كليات الاستقطاب المفتوح، مما يعيق متابعة الاهتمامات البحثية بشكل منتظم وينتج عن ذلك عدة سلبيات، إضافة إلى محدودية الولوج للتمويل والبيانات في الأبحاث.
واعتبر المتحدث أن الاداء العام للتعليم العالي يسائل الإصلاح الجامعي لسنة 2003 والتعديلات التي طرأت عليه وفعالية تطبيقه ومدى ملاءمته، فالحماسة التي سادت عند انطلاقته تراجعت مع مرور الوقت وصرنا أمام تراجع مقلق.
وخلص المالكي في كلمته على التشديد على ضرورة وجود الحرية الأكاديمية المرتبطة بالمسؤولية والالتزام، مبرزا أن تصحيح نموذجنا الجامعي يستلزم قفزة نوعية طموحة تحافظ على جودة مكون الولوج المحدود، وتوطد مكتسبات الجامعة على مستوى الدمقرطة وانتشارها على التراب الوطني، على أم تشمل الدمقرطة مختلف الجوانب، وعلى رأسها الجودة ينبغي ألا تبقى حكرا على بعض المؤسسات الجامعية.